• قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى : يَتفرَّدُ القرآنُ في التَّعبِيرِ عن النَّجاحِ بكلمةِ ( الفَلاح )
لأنّ الفَلاحَ هو دَيْمومَةُ البَقاءِ
( الفَلاح ) .. مَعنًى يَرتبطُ بِبِذرةٍ تُخَبِّئُها في رَحمِ التُّرابِ ؛ ثمّ تَحتفِلُ بها جَنائِنَ مُكتملةً ذاتَ حينٍ حتى لوْ طالَ الليلُ قليلًا !
( الفَلاح ) .. مَعنًى قُرآنِيٌ يَرحلُ بِكَ إلى الغَدِ حتّى لو كانَ حاضِرُكَ مُهترِئًا ..
فـَثَمَّةَ بَذرَة تُوشِكُ أنْ تُزْهرَ ..
تَعرفُها خُطوطُ يَديْك التي حَرَثَت في الصَّمتِ طويلاً !
قَدْ أفْلَحَ .. و "قَد" ْ للتَّحقيق و للتَّأكيد .. حتى كأنّ بُردةَ الإمامَةِ تُنسجُ على مَسمَعيْك، و عُرْسَ الحَصادِ يُوشكُ أن يَكتبَ سَعيكَ عُمرًا مُمتَدًّا فوقَ الفُصولِ...
و فوقَ الصّقيعِ ، و فوقَ اليَباسِ الّذي كادَ أن يَحْرقَكَ !
لمْ يقُلْ القرآنُ قَدْ نجَحَ من تزَكّى ؛ لأنّ المَسافَةَ بينَ معْنى "النَّجاحِ" و معنَى "الفَلاحِ" .. كَما هيَ المَسافَة بين حقولٍ يَنتابُها الجَدْب وحُقولٍ لا تعرفُ الشّيخوخَة .!
بَعدَ الفلاحِ يأتي دومًا القَبولُ .. و القَبولُ هوَ معنًى فيه سِرٌّ إلهِي ..
و قد قيلَ ( إذا وَقعَ النِّداءُ منَ اللهِ بِمحبَّةِ العَبْد قَبلتْهُ جَميعُ البواطِن) !
هكذا دونَ تَفسيرٍ و لا مَنطقٍ ولا أسْباب ...
فَقطْ لأنّ اللهَ "وضعَ له القَبولَ في الأرْض" !
وهذا يَكْفِي .. يَكفي كَيْ يَقولَ السَلفُ بعدَها كلمَتَهم العَميقة ..
"أيّها المَقبولُ هنيئًا لك، أيها المَردودُ جَبَرَ اللهُ مُصيبَتَك " !
يكفي كي يقولَ عَليّ "لا تهتمّوا لقِلّة العَمل، واهتمّوا للقَبول" .!
د.كفاح أبو هنود