| الشاعر أمل دنقل | |
|
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
أحمد العربي Admin
المساهمات : 1017 تاريخ التسجيل : 27/04/2017 العمر : 59 الموقع : ملتقى الكلمة الحرة
| موضوع: الشاعر أمل دنقل الأربعاء مايو 31, 2017 2:55 am | |
| الشاعر
أمل دنقل
ولد في عام 1940 بقرية "القلعة", مركز "قفط" على مسافة قريبة من مدينة "قنا" في صعيد مصر.
كان والده عالماً من علماء الأزهر, حصل على "إجازة العالمية" عام 1940, فأطلق اسم "أمل" على مولوده الأول تيمناً بالنجاح الذي أدركه في ذلك العام. وكان يكتب الشعر العمودي, ويملك مكتبة ضخمة تضم كتب الفقه والشريعة والتفسير وذخائر التراث العربي, التي كانت المصدر الأول لثقافة الشاعر.
فقد أمل دنقل والده وهو في العاشرة, فأصبح, وهو في هذا السن, مسؤولاً عن أمه وشقيقيه.
أنهى دراسته الثانوية بمدينة قنا, والتحق بكلية الآداب في القاهرة لكنه انقطع عن متابعة الدراسة منذ العام الأول ليعمل موظفاً بمحكمة "قنا" وجمارك السويس والإسكندرية ثم موظفاً بمنظمة التضامن الأفرو آسيوي, لكنه كان دائم "الفرار" من الوظيفة لينصرف إلى "الشعر". عرف بالتزامه القومي وقصيدته السياسية الرافضة ولكن أهمية شعر دنقل تكمن في خروجها على الميثولوجيا اليونانية والغربية السائدة في شعر الخمسينات, وفي استيحاء رموز التراث العربي تأكيداً لهويته القومية وسعياً إلى تثوير القصيدة وتحديثها.
عرف القارىء العربي شعره من خلال ديوانه الأول "البكاء بين يدي زرقاء اليمامة" (1969) الذي جسد فيه إحساس الإنسان العربي بنكسة 1967 وأكد ارتباطه العميق بوعي القارىء ووجدانه. صدرت له ست مجموعات شعرية هي:
البكاء بين يدي زرقاء اليمامة" - بيروت 1969,
تعليق على ما حدث" - بيروت 1971,
مقتل القمر" - بيروت 1974,
العهد الآتي" - بيروت 1975,
أقوال جديدة عن حرب البسوس" - القاهرة 1983,
أوراق الغرفة 8" - القاهرة 1983.
لازمه مرض السرطان لأكثر من ثلاث سنوات صارع خلالها الموت دون أن يكفّ عن حديث الشعر, ليجعل هذا الصراع "بين متكافئين: الموت والشعر" كما كتب الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي.
توفي إثر المرض في أيار / مايو عام 1983 في القاهرة. | |
|
| |
أحمد العربي Admin
المساهمات : 1017 تاريخ التسجيل : 27/04/2017 العمر : 59 الموقع : ملتقى الكلمة الحرة
| موضوع: رد: الشاعر أمل دنقل الأربعاء مايو 31, 2017 2:56 am | |
| البكاء بين يدي زرقاء اليمامة
أيتها العرافة المقدَّسةْ ..
جئتُ إليك .. مثخناً بالطعنات والدماءْ
أزحف في معاطف القتلى، وفوق الجثث المكدّسة
منكسر السيف، مغبَّر الجبين والأعضاءْ.
أسأل يا زرقاءْ ..
عن فمكِ الياقوتِ عن، نبوءة العذراء
عن ساعدي المقطوع.. وهو ما يزال ممسكاً بالراية المنكَّسة
عن صور الأطفال في الخوذات.. ملقاةً على الصحراء
عن جاريَ الذي يَهُمُّ بارتشاف الماء..
فيثقب الرصاصُ رأسَه .. في لحظة الملامسة !
عن الفم المحشوِّ بالرمال والدماء !!
أسأل يا زرقاء ..
عن وقفتي العزلاء بين السيف .. والجدارْ !
عن صرخة المرأة بين السَّبي. والفرارْ ؟
كيف حملتُ العار..
ثم مشيتُ ؟ دون أن أقتل نفسي ؟ ! دون أن أنهار ؟ !
ودون أن يسقط لحمي .. من غبار التربة المدنسة ؟ !
تكلَّمي أيتها النبية المقدسة
تكلمي .. باللهِ .. باللعنةِ .. بالشيطانْ
لا تغمضي عينيكِ، فالجرذان ..
تلعق من دمي حساءَها .. ولا أردُّها !
تكلمي ... لشدَّ ما أنا مُهان
لا اللَّيل يُخفي عورتي .. كلا ولا الجدران !
ولا اختبائي في الصحيفة التي أشدُّها ..
ولا احتمائي في سحائب الدخان !
.. تقفز حولي طفلةٌ واسعةُ العينين .. عذبةُ المشاكسة
( - كان يَقُصُّ عنك يا صغيرتي .. ونحن في الخنادْق
فنفتح الأزرار في ستراتنا .. ونسند البنادقْ
وحين مات عَطَشاً في الصحَراء المشمسة ..
رطَّب باسمك الشفاه اليابسة ..
وارتخت العينان !)
فأين أخفي وجهيَ المتَّهمَ المدان ؟
والضحكةَ الطروب : ضحكتهُ..
والوجهُ .. والغمازتانْ ! ؟
* * *
أيتها النبية المقدسة ..
لا تسكتي .. فقد سَكَتُّ سَنَةً فَسَنَةً ..
لكي أنال فضلة الأمانْ
قيل ليَ "اخرسْ .."
فخرستُ .. وعميت .. وائتممتُ بالخصيان !
ظللتُ في عبيد ( عبسِ ) أحرس القطعان
أجتزُّ صوفَها ..
أردُّ نوقها ..
أنام في حظائر النسيان
طعاميَ : الكسرةُ .. والماءُ .. وبعض الثمرات اليابسة .
وها أنا في ساعة الطعانْ
ساعةَ أن تخاذل الكماةُ .. والرماةُ .. والفرسانْ
دُعيت للميدان !
أنا الذي ما ذقتُ لحمَ الضأن ..
أنا الذي لا حولَ لي أو شأن ..
أنا الذي أقصيت عن مجالس الفتيان ،
أدعى إلى الموت .. ولم أدع الى المجالسة !!
تكلمي أيتها النبية المقدسة
تكلمي .. تكلمي ..
فها أنا على التراب سائلٌ دمي
وهو ظمئُ .. يطلب المزيدا .
أسائل الصمتَ الذي يخنقني :
" ما للجمال مشيُها وئيدا .. ؟! "
أجندلاً يحملن أم حديدا .. ؟!"
فمن تُرى يصدُقْني ؟
أسائل الركَّع والسجودا
أسائل القيودا :
" ما للجمال مشيُها وئيدا .. ؟! "
" ما للجمال مشيُها وئيدا .. ؟! "
أيتها العَّرافة المقدسة ..
ماذا تفيد الكلمات البائسة ؟
قلتِ لهم ما قلتِ عن قوافل الغبارْ ..
فاتهموا عينيكِ، يا زرقاء، بالبوار !
قلتِ لهم ما قلتِ عن مسيرة الأشجار ..
فاستضحكوا من وهمكِ الثرثار !
وحين فُوجئوا بحدِّ السيف : قايضوا بنا ..
والتمسوا النجاةَ والفرار !
ونحن جرحى القلبِ ،
جرحى الروحِ والفم .
لم يبق إلا الموتُ ..
والحطامُ ..
والدمارْ ..
وصبيةٌ مشرّدون يعبرون آخرَ الأنهارْ
ونسوةٌ يسقن في سلاسل الأسرِ،
وفي ثياب العارْ
مطأطئات الرأس.. لا يملكن إلا الصرخات الناعسة !
ها أنت يا زرقاءْ
وحيدةٌ ... عمياءْ !
وما تزال أغنياتُ الحبِّ .. والأضواءْ
والعرباتُ الفارهاتُ .. والأزياءْ !
فأين أخفي وجهيَ المُشَوَّها
كي لا أعكِّر الصفاء .. الأبله.. المموَّها.
في أعين الرجال والنساءْ !؟
وأنت يا زرقاء ..
وحيدة .. عمياء !
وحيدة .. عمياء ! | |
|
| |
أحمد العربي Admin
المساهمات : 1017 تاريخ التسجيل : 27/04/2017 العمر : 59 الموقع : ملتقى الكلمة الحرة
| موضوع: رد: الشاعر أمل دنقل الأربعاء مايو 31, 2017 2:56 am | |
| ضد من
في غُرَفِ العمليات,
كان نِقابُ الأطباءِ أبيضَ,
لونُ المعاطفِ أبيض,
تاجُ الحكيماتِ أبيضَ, أرديةُ الراهبات,
الملاءاتُ,
لونُ الأسرّةِ, أربطةُ الشاشِ والقُطْن,
قرصُ المنوِّمِ, أُنبوبةُ المَصْلِ,
كوبُ اللَّبن,
كلُّ هذا يُشيعُ بِقَلْبي الوَهَنْ.
كلُّ هذا البياضِ يذكِّرني بالكَفَنْ!
فلماذا إذا متُّ..
يأتي المعزونَ مُتَّشِحينَ..
بشاراتِ لونِ الحِدادْ?
هل لأنَّ السوادْ..
هو لونُ النجاة من الموتِ,
لونُ التميمةِ ضدّ.. الزمنْ,
***
ضِدُّ منْ..?
ومتى القلبُ - في الخَفَقَانِ - اطْمأَنْ?!
***
بين لونين: أستقبِلُ الأَصدِقاء..
الذينَ يرون سريريَ قبرا
وحياتيَ.. دهرا
وأرى في العيونِ العَميقةِ
لونَ الحقيقةِ
لونَ تُرابِ الوطنْ! | |
|
| |
أحمد العربي Admin
المساهمات : 1017 تاريخ التسجيل : 27/04/2017 العمر : 59 الموقع : ملتقى الكلمة الحرة
| موضوع: رد: الشاعر أمل دنقل الأربعاء مايو 31, 2017 2:57 am | |
| زهور
وسلالٌ منَ الورِد,
ألمحُها بينَ إغفاءةٍ وإفاقه
وعلى كلِّ باقةٍ
اسمُ حامِلِها في بِطاقه
***
تَتَحدثُ لي الزَهراتُ الجميلهْ
أن أَعيُنَها اتَّسَعَتْ - دهشةً -
َلحظةَ القَطْف,
َلحظةَ القَصْف,
لحظة إعدامها في الخميلهْ!
تَتَحدثُ لي..
أَنها سَقَطتْ منْ على عرشِها في البسَاتين
ثم أَفَاقَتْ على عَرْضِها في زُجاجِ الدكاكينِ, أو بينَ أيدي المُنادين,
حتى اشترَتْها اليدُ المتَفضِّلةُ العابِرهْ
تَتَحدثُ لي..
كيف جاءتْ إليّ..
(وأحزانُها الملَكيةُ ترفع أعناقَها الخضْرَ)
كي تَتَمني ليَ العُمرَ!
وهي تجودُ بأنفاسِها الآخرهْ!!
***
كلُّ باقهْ..
بينَ إغماءة وإفاقهْ
تتنفسُ مِثلِىَ - بالكادِ - ثانيةً.. ثانيهْ
وعلى صدرِها حمَلتْ - راضيهْ...
اسمَ قاتِلها في بطاقهْ! | |
|
| |
أحمد العربي Admin
المساهمات : 1017 تاريخ التسجيل : 27/04/2017 العمر : 59 الموقع : ملتقى الكلمة الحرة
| موضوع: رد: الشاعر أمل دنقل الأربعاء مايو 31, 2017 2:58 am | |
| الخيول
(1)
الفتوحات فى الأرض – مكتوبة بدماء الخيول
وحدودُ الممالك
رسمتها السنابك
والركابان : ميزان عدل يميل مع السيف
حيث يميل
***
اركضى أو قفى الآن .. أيتها الخيلُ :
لستِ المغيرات صبحا
ولا العاديات – كما قيل – ضبحا
ولاخضرة فى طريقك تُمحى
ولاطفل أضحى
إذا مامررت به ... يتنحَّى
وهاهى كوكبة الحرس الملكى..
تجاهد أن تبعث الروح فى جسد الذكريات
بدقِّ الطبول
اركضى كالسلاحف
نحو زوايا المتاحف..
صيرى تماثيل من حجرٍ فى الميادين
صيرى أراجيح من خشبٍ للصغار – الرياحين
صيرى فوارس حلوى بموسمك النبوى
وللصبية الفقراء حصاناً من الطينِ
صيرى رسوماً ... ووشماً
تجف الخطوط به
مثلما حفَّ – فى رئتيك – الصهيل !
(2)
كانت الخيلُ - فى البدءِ – كالناس
برِّيَّةً تتراكضُ عبر السهول
كانت الخيلُ كالناس فى البدءِ
تمتلكُ الشمس والعشب
والملكوتِ الظليل
ظهرها... لم يوطأ لكى يركب القادة الفاتحون
ولم يلنِ الجسدُ الحُرُّ تحت سياطِ المروِّض
والفمُ لم يمتثل للجام
ولم يكن ... الزاد بالكاد
لم تكن الساق مشكولة
والحوافر لم يك يثقلها السنبك المعدنى الصقيل
كانت الخيلُ برِّيَّة
تتنفس بحرية
مثلما يتنفسها الناس
فى ذلك الزمن الذهبى النبيل
***
اركضى ... أو قفى
زمنٌ يتقاطعُ
واخترتِ أن تذهبى فى الطريق الذى يتراجعُ
تنحدرُ الشمس
ينحدرُ الأمس
تنحدر الطرق الجبلية للهوَّة اللانهائية
الشهب المتفحمة
الذكريات التى أشهرت شوكها كالقنافذِ
والذكريات التى سلخ الخوفُ بشرتها
كل نهر يحاول أن يلمس القاع –
كل الينابيع إن لمست جدولاً من جداولها
تختفى
وهى ... لاتكتفى
فاركضى أو قفى
كل دربٍ يقودك من مستحيل إلى مستحيل !!
(3)
الخيولُ بساط على الريح
سار – على متنه – الناسُ للناسِ عبر المكان
والخيولُ جدارٌ به انقسم
الناس صنفين :
صاروا مشاةً وركبان
والخيول التى انحدرت نحو هوة نسيانها
حملت معها جيل فرسانها
تركت خلفها : دمعة الندى الأبدى
وأشباح خيل
وأشباه فرسان
ومشاةٍ يسيرون- حتى النهاية – تحت ظلال الهوان
أركضى للقرار
واركضى أو قفى فى طريق الفرار
تتساوى محصلة الركض والرفض فى الأرض
ماذا تبقى لكِ الآن ؟ ماذا ؟
سوى عرقٍ يتصببُ من تعبٍ
يستحيل دنانير من ذهبٍ
فى جيوب هواةِ سلالاتك العربية
فى حلبات المراهنةِ الدائرية
فى نزهة المركبات السياحية المشتهاة
وفى المتعة المشتراة
وفى المرأة الأجنبية تعلوكِ فى ظلالِ أبى الهول
( هذا الذى كسرت أنفه *** لعنة الإنتظار الطويل )
إستدارت – إلى الغربِ – مزولة الوقت
صارتِ الخيلُ ناساً تسيرُ إلى هوَّةِ الصمت
بينما الناسُ خيلٌ تسيرُ إلى هوَّةِ الموت !! | |
|
| |
أحمد العربي Admin
المساهمات : 1017 تاريخ التسجيل : 27/04/2017 العمر : 59 الموقع : ملتقى الكلمة الحرة
| موضوع: رد: الشاعر أمل دنقل الأربعاء مايو 31, 2017 3:00 am | |
| الفارس
لا تنتظري أن يبتسم العابس
فالفارس ليس الفارس
مدي بإنائكِ
عبر السلك الشائكِ
مدي طرف ردائكِ
حتى يصنع منه للقلب ضمادا
ويسد شقوق البرد القارس
تتوالى كل فصول العام على القلب الباكي
لم يستر روحه عبر الأشواك سوى رؤياكِ
فعيناكِ الفردوسان: هما الفصل الخامس
عيناكِ هما
آخرنهر ٍ يسقيه
آخر بيت يأويه
آخر زاد في التيه
آخر عراف يستفتيه
فأريحيه
أريحيه على الحجر البارد
ليرتاح قليلا
فلقد سار طويلا
وقفي كملاك الحب الحارس
حتى لا يفجئه الموت
قفي كملاك الحب الحارس | |
|
| |
أحمد العربي Admin
المساهمات : 1017 تاريخ التسجيل : 27/04/2017 العمر : 59 الموقع : ملتقى الكلمة الحرة
| موضوع: رد: الشاعر أمل دنقل الأربعاء مايو 31, 2017 3:00 am | |
| لا تصالح
(1 )
لا تصالحْ!
..ولو منحوك الذهب
أترى حين أفقأ عينيك
ثم أثبت جوهرتين مكانهما..
هل ترى..؟
هي أشياء لا تشترى..:
ذكريات الطفولة بين أخيك وبينك،
حسُّكما - فجأةً - بالرجولةِ،
هذا الحياء الذي يكبت الشوق.. حين تعانقُهُ،
الصمتُ - مبتسمين - لتأنيب أمكما..
وكأنكما
ما تزالان طفلين!
تلك الطمأنينة الأبدية بينكما:
أنَّ سيفانِ سيفَكَ..
صوتانِ صوتَكَ
أنك إن متَّ:
للبيت ربٌّ
وللطفل أبْ
هل يصير دمي -بين عينيك- ماءً؟
أتنسى ردائي الملطَّخَ بالدماء..
تلبس -فوق دمائي- ثيابًا مطرَّزَةً بالقصب؟
إنها الحربُ!
قد تثقل القلبَ..
لكن خلفك عار العرب
لا تصالحْ..
ولا تتوخَّ الهرب!
(2)
لا تصالح على الدم.. حتى بدم!
لا تصالح! ولو قيل رأس برأسٍ
أكلُّ الرؤوس سواءٌ؟
أقلب الغريب كقلب أخيك؟!
أعيناه عينا أخيك؟!
وهل تتساوى يدٌ.. سيفها كان لك
بيدٍ سيفها أثْكَلك؟
سيقولون:
جئناك كي تحقن الدم..
جئناك. كن -يا أمير- الحكم
سيقولون:
ها نحن أبناء عم.
قل لهم: إنهم لم يراعوا العمومة فيمن هلك
واغرس السيفَ في جبهة الصحراء
إلى أن يجيب العدم
إنني كنت لك
فارسًا،
وأخًا،
وأبًا،
ومَلِك!
(3)
لا تصالح ..
ولو حرمتك الرقاد
صرخاتُ الندامة
وتذكَّر..
(إذا لان قلبك للنسوة اللابسات السواد ولأطفالهن الذين تخاصمهم الابتسامة)
أن بنتَ أخيك "اليمامة"
زهرةٌ تتسربل -في سنوات الصبا-
بثياب الحداد
كنتُ، إن عدتُ:
تعدو على دَرَجِ القصر،
تمسك ساقيَّ عند نزولي..
فأرفعها -وهي ضاحكةٌ-
فوق ظهر الجواد
ها هي الآن.. صامتةٌ
حرمتها يدُ الغدر:
من كلمات أبيها،
ارتداءِ الثياب الجديدةِ
من أن يكون لها -ذات يوم- أخٌ!
من أبٍ يتبسَّم في عرسها..
وتعود إليه إذا الزوجُ أغضبها..
وإذا زارها.. يتسابق أحفادُه نحو أحضانه،
لينالوا الهدايا..
ويلهوا بلحيته (وهو مستسلمٌ)
ويشدُّوا العمامة..
لا تصالح!
فما ذنب تلك اليمامة
لترى العشَّ محترقًا.. فجأةً،
وهي تجلس فوق الرماد؟!
(4)
لا تصالح
ولو توَّجوك بتاج الإمارة
كيف تخطو على جثة ابن أبيكَ..؟
وكيف تصير المليكَ..
على أوجهِ البهجة المستعارة؟
كيف تنظر في يد من صافحوك..
فلا تبصر الدم..
في كل كف؟
إن سهمًا أتاني من الخلف..
سوف يجيئك من ألف خلف
فالدم -الآن- صار وسامًا وشارة
لا تصالح،
ولو توَّجوك بتاج الإمارة
إن عرشَك: سيفٌ
وسيفك: زيفٌ
إذا لم تزنْ -بذؤابته- لحظاتِ الشرف
واستطبت- الترف
(5)
لا تصالح
ولو قال من مال عند الصدامْ
".. ما بنا طاقة لامتشاق الحسام.."
عندما يملأ الحق قلبك:
تندلع النار إن تتنفَّسْ
ولسانُ الخيانة يخرس
لا تصالح
ولو قيل ما قيل من كلمات السلام
كيف تستنشق الرئتان النسيم المدنَّس؟
كيف تنظر في عيني امرأة..
أنت تعرف أنك لا تستطيع حمايتها؟
كيف تصبح فارسها في الغرام؟
كيف ترجو غدًا.. لوليد ينام
-كيف تحلم أو تتغنى بمستقبلٍ لغلام
وهو يكبر -بين يديك- بقلب مُنكَّس؟
لا تصالح
ولا تقتسم مع من قتلوك الطعام
وارْوِ قلبك بالدم..
واروِ التراب المقدَّس..
واروِ أسلافَكَ الراقدين..
إلى أن تردَّ عليك العظام!
(6)
لا تصالح
ولو ناشدتك القبيلة
باسم حزن "الجليلة"
أن تسوق الدهاءَ
وتُبدي -لمن قصدوك- القبول
سيقولون:
ها أنت تطلب ثأرًا يطول
فخذ -الآن- ما تستطيع:
قليلاً من الحق..
في هذه السنوات القليلة
إنه ليس ثأرك وحدك،
لكنه ثأر جيلٍ فجيل
وغدًا..
سوف يولد من يلبس الدرع كاملةً،
يوقد النار شاملةً،
يطلب الثأرَ،
يستولد الحقَّ،
من أَضْلُع المستحيل
لا تصالح
ولو قيل إن التصالح حيلة
إنه الثأرُ
تبهتُ شعلته في الضلوع..
إذا ما توالت عليها الفصول..
ثم تبقى يد العار مرسومة (بأصابعها الخمس)
فوق الجباهِ الذليلة!
(7)
لا تصالحْ، ولو حذَّرتْك النجوم
ورمى لك كهَّانُها بالنبأ..
كنت أغفر لو أنني متُّ..
ما بين خيط الصواب وخيط الخطأ.
لم أكن غازيًا،
لم أكن أتسلل قرب مضاربهم
لم أمد يدًا لثمار الكروم
لم أمد يدًا لثمار الكروم
أرض بستانِهم لم أطأ
لم يصح قاتلي بي: "انتبه"!
كان يمشي معي..
ثم صافحني..
ثم سار قليلاً
ولكنه في الغصون اختبأ!
فجأةً:
ثقبتني قشعريرة بين ضعلين..
واهتزَّ قلبي -كفقاعة- وانفثأ!
وتحاملتُ، حتى احتملت على ساعديَّ
فرأيتُ: ابن عمي الزنيم
واقفًا يتشفَّى بوجه لئيم
لم يكن في يدي حربةٌ
أو سلاح قديم،
لم يكن غير غيظي الذي يتشكَّى الظمأ
(
لا تصالحُ..
إلى أن يعود الوجود لدورته الدائرة:
النجوم.. لميقاتها
والطيور.. لأصواتها
والرمال.. لذراتها
والقتيل لطفلته الناظرة
كل شيء تحطم في لحظة عابرة:
الصبا - بهجةُ الأهل - صوتُ الحصان - التعرفُ بالضيف - همهمةُ القلب حين يرى برعماً في الحديقة يذوي - الصلاةُ لكي ينزل المطر الموسميُّ - مراوغة القلب حين يرى طائر الموتِ
وهو يرفرف فوق المبارزة الكاسرة
كلُّ شيءٍ تحطَّم في نزوةٍ فاجرة
والذي اغتالني: ليس ربًا..
ليقتلني بمشيئته
ليس أنبل مني.. ليقتلني بسكينته
ليس أمهر مني.. ليقتلني باستدارتِهِ الماكرة
لا تصالحْ
فما الصلح إلا معاهدةٌ بين ندَّينْ..
(في شرف القلب)
لا تُنتقَصْ
والذي اغتالني مَحضُ لصْ
سرق الأرض من بين عينيَّ
والصمت يطلقُ ضحكته الساخرة!
(9)
لا تصالح
ولو وقفت ضد سيفك كل الشيوخ
والرجال التي ملأتها الشروخ
هؤلاء الذين تدلت عمائمهم فوق أعينهم
وسيوفهم العربية قد نسيت سنوات الشموخ
لا تصالح
فليس سوى أن تريد
أنت فارسُ هذا الزمان الوحيد
وسواك.. المسوخ!
(10)
لا تصالحْ
لا تصالحْ | |
|
| |
أحمد العربي Admin
المساهمات : 1017 تاريخ التسجيل : 27/04/2017 العمر : 59 الموقع : ملتقى الكلمة الحرة
| موضوع: رد: الشاعر أمل دنقل الأربعاء مايو 31, 2017 3:01 am | |
| الأرض .. و الجرح الذي لا ينفتح
الأرض ما زالت ، بأذنيها دم من قرطها المنزوع ،
قهقهة اللّصوص تسوق هودجها .. و تتركها بلا زاد ،
تشدّ أصابع العطش المميت على الرمال
تضيع صرختها بحمحمة الخيول .
الأرض ملقاة على الصحراء ... ظامئه ،
و تلقي الدلو مرّات .. و تخرجه بلا ماء !
و تزحف في لهيب القيظ ..
تسأل سمّمه المغول
و عيونها تخبو من الاعياء ، تستسقي جذور الشوك ،
تنتظر المصير المرّ .. يطحنها الذبول
***
من أنت يا حارس ؟
إنّي أنا الحجّاج ..
عصبّني بالتاج ..
تشرينها القارس !
***
الأرض تطوى في بساط " النفط " ،
تحملها السفائن نحو " قيصر " كي تكون إذا تفتّحت
اللّفائف :
رقصة .. و هديّة للنار في أرض الخطاه .
دينارها القصدير مصهور على وجناتها .
زنّارها المحلول يسأل عن زناة الترك ،
و السيّاف يجلدها ! و ماذا ؟ بعد أن فقدت بكارتها ..
و صارت حاملا في عامها الألفيّ من ألفين من عشّاقها !
لا النيل يغسل عارها القاسي .. و لا ماء الفرات !
حتّى لزوجة نهرها الدموي ،
و الأموي يقعى في طريق النبع :
" .. دون الماء رأسك يا حسين .. "
و بعدها يتملّكون ، يضاجعون أرامل الشهداء ،
و لا يتورّعون ، يؤذنّون الفجر .. لم يتطهّروا من رجسهم ،
فالحقّ مات !
***
هل ثبّت الثّقفيّ
قناعة المهزوز ؟
فقد مضى تموز ..
بوجه العربيّ !
***
أحببت فيك المجد و الشعراء
لكنّ الذي سرواله من عنكبوت الوهم :
يمشي في مدائنك المليئة بالذباب
يسقي القلوب عصارة الخدر المنمّق ،
و الطواويس التي نزعت تقاويم الحوائط ،
أوقفت ساعاتها ،
و تجشّأت بموائد السّفراء ..
تنتظر النياشين التي يسخو بها السّلطان ..
فوق أكابر الأغواث منهم !
يا سماء :
أكلّ عام : نجمة عربيّة تهوى ..
و تدخل نجمة برج البرامك ! ؟
ما تزال موعظ الخصيان باسم الجالسين على الحراب ؟
و أراك .. و " ابن سلول " بين المؤمنين بوجهه القزحيّ ..
يسري بالوقيعة فيك ،
و الأنصار واجمة ..
و كلّ قريش واجمة ..
فمن يهديد للرأي الصواب ؟ !
***
ملثّما يخطو ..
قد شوّهته النار !
هل يصلح العطار
ما أفسد النفط ؟
***
لم يبق من شيء يقال .
يا أرض :
هل يلد الرجال ؟ | |
|
| |
أحمد العربي Admin
المساهمات : 1017 تاريخ التسجيل : 27/04/2017 العمر : 59 الموقع : ملتقى الكلمة الحرة
| موضوع: رد: الشاعر أمل دنقل الأربعاء مايو 31, 2017 3:02 am | |
| الملهى الصغير
لم يعد يذكرنا حتّى المكان !
كيف هنّا عنده ؟
و الأمس هان؟
قد دخلنا ..
لم تنشر مائدة نحونا !
لم يستضفنا المقعدان !!
الجليسان غريبان
فما بيننا إلاّ . ظلال الشمعدان !
أنظري ؛
قهوتنا باردة
ويدانا - حولها – ترتعشان
وجهك الغارق في أصباغه
رسما
( ما ابتسما ! )
في لوحة خانت الرسّام فيها ..
لمستان !
تسدل الأستار في المسرح
فلنضيء الأنوار
إنّ الوقت حان
أمن الحكمة أن نبقى ؟
سدة !!
قد خسرنا فرسينا في الرهان !
قد خسرنا فرسينا في الرهان
مالنا شوط مع الأحلام
ثان !!
نحن كنّا ها هنا يوما
و كان وهج النور علينا مهرجان
يوم أن كنّا صغارا
نمتطي صهوة الموج
إلى شطّ الأمان
كنت طفلا لا يعي معنى الهوى
و أحاسيسك مرخاه العنان
قطّة مغمضة العينين
في دمك البكر لهيب الفوران
عامنا السادس عشر :
رغبة في الشرايين
و أعواد لدان
ها هنا كلّ صباح نلتقي
بيننا مائدة
تندي .. حنان
قدمان تحتها تعتنقان
و يدانا فوقها تشتبكان
إن تكلّمت :
ترنّمت بما همسته الشفتان الحلوتان
و إذا ما قلت :
أصغت طلعة حلوة
وابتسمت غمّازتان !
أكتب الشعر لنجواك
( و إن كان شعرا ببغائيّ البيان )
كان جمهوري عيناك ! إذا قلته : صفّقتا تبتسمان
و لكن ينصحنا الأهل
فلا نصحهم عزّ
و لا الموعد هان
لم نكن نخشى إذا ما نلتقي
غير ألاّ نلتقي في كلّ آن
ليس ينهانى تأنيب أبي
ليس تنهاك عصا من خيزران !!
الجنون البكر ولّى
و انتهت سنة من عمرنا
أو .. سنتان
و كما يهدأ عنف النهر
إنّ قارب البحر
وقارا .. واتّزان
هدأ العاصف في أعماقنا
حين أفرغنا من الخمر الدنان
قد بلغنا قمّة القمّة
هل بعدها إلاّ ... هبوط العنفوان
افترقنا ..
( دون أن نغضب )
لا يغضب الحكمة صوت الهذيان
ما الذي جاء بنا الآن ؟
سوى لحظة الجبن من العمر الجبان
لحظة الطفل الذي في دمنا
لم يزل يحبو ..
و يبكو ..
فيعان !
لحظة فيها تناهيد الصبا
و الصبا عهد إذا عاهد : خان
أمن الحكمة أن نبقى ؟
سدى
قد خسرنا فرسينا في الرهان
***
قبلنا يا أخت في هذا المكان
كم تناجى ، و تناغى عاشقان
ذهبا
ثمّ ذهبا
و غدا ..
يتساقى الحبّ فيه آخران !
فلندعه لهما
ساقيه ..
دار فيها الماء
مادار الزمان !! | |
|
| |
أحمد العربي Admin
المساهمات : 1017 تاريخ التسجيل : 27/04/2017 العمر : 59 الموقع : ملتقى الكلمة الحرة
| موضوع: رد: الشاعر أمل دنقل الأربعاء مايو 31, 2017 3:02 am | |
| العينان الخضراوان
العينان الخضراوان
مروّحتان
في أروقة الصيف الحرّان
أغنيتان مسافرتان
أبحرتا من نايات الرعيان
بعبير حنان
بعزاء من آلهة النور إلى مدن الأحزان
سنتان
و أنا أبني زورق حبّ
يمتد عليه من الشوق شراعان
كي أبحر في العينين الصافيتين
إلى جزر المرجان
ما أحلى أن يضطرب الموج فينسدل الجفنان
و أنا أبحث عن مجداف
عن إيمان !
***
في صمت " الكاتدرائيات " الوسنان
صور " للعذراء " المسبّلة الأجفان
يا من أرضعت الحبّ صلاة الغفران
و تمطي في عينيك المسبّلتين
شباب الحرمان
ردّي جفنيك
لأبصر في عينيك الألوان
أهما خضراوان
كعيون حبيبي ؟
كعيون يبحر فيها البحر بلا شطآن
يسأل عن الحبّ
عن ذكرى
عن نسيان !
و العينان الخضراوان
مروّحتان ! | |
|
| |
أحمد العربي Admin
المساهمات : 1017 تاريخ التسجيل : 27/04/2017 العمر : 59 الموقع : ملتقى الكلمة الحرة
| موضوع: رد: الشاعر أمل دنقل الأربعاء مايو 31, 2017 3:03 am | |
| شبيهتهـا !!
انتظري !
ما اسمك ؟
يا ذات العيون الخضر و الشعر الثري
أشبهت في تصوّري
( بوجهك المدوّر )
حبيبة أذكرها .. أكثر من تذكّري
يا صورة لها على المرآة ، لم تكسر
حبيبتي – مثلك –
لم تشبه جميع البشر
عيونها حدائق حافلة بالصور
أبصرتها اليوم بعينيك
اللّتين في عمري ..
طفولة .. منذ اتّزان الخطو لم تنحسر
***
يا ظلّ صيف أخضر
تصوّري
كم أشهر و أشهر
مرّت و لسنا نلتقي
مرّت .. و لم نخضوضر
الماس في مناجمي
مشوّه التبلور
و الذكريات في دمى
عاصفة التحرّر
كرقصة ناريّة من فتيات الغجر
................................
لكنّني حين رأيت الآن صورة لها
في مهجري
أيقنت أنّ ماسنا ما زال
حيّ الجوهر
و أنّنا سنلتقي
رغم رياح القدر
و أنّني في فمك المستضحك المستبشر
أغنية للقمر
أغنية ترقص فيها القرويّات
في ليالي السّمر
***
يا ظلّ صيف أخضر
تصوّري
كم أشهر و أشهر
مغتربا عن العيون الخضر و الشعر الثريّ | |
|
| |
أحمد العربي Admin
المساهمات : 1017 تاريخ التسجيل : 27/04/2017 العمر : 59 الموقع : ملتقى الكلمة الحرة
| موضوع: رد: الشاعر أمل دنقل الأربعاء مايو 31, 2017 3:04 am | |
| أوتوجراف
لن أكتب حرفا فيه
فالكلمة – إن تكتب – لا تكتب
من أجل الترفيه
( و الأوتوجراف الصامت تنهدل الكلمات عليه ،
تحيّيه
و تطرّز كلّ مثانيه !
ماضيك
و ماضي الأوتوجراف –
بقايا شوق مشبوه
بصمات الذكرى فيك ، وفيه
و خطى العشّاق المحمومه أدمت كلّ دواليه
لكنّي أطرد كلّ ذباب الماضي عن بابي
فدعيه
غيري قد يصبح سطرا من ورق
يقلّبه من يجهله أو من يدريه
غيري قد ينبش تابوتا برّاق اللّون
تعفّن خافيه
لكنّي أطرد كلّ ذباب الذكرى
عن غدي المشدوه
عن ثوبي ، و طعامي ، و فراشي
عن خطوة تيهى
.................
يا أصغر من كلماتي
لن أكتب فيه
فخطى العشّاق المحمومة أدمت كلّ دواليه ! | |
|
| |
أحمد العربي Admin
المساهمات : 1017 تاريخ التسجيل : 27/04/2017 العمر : 59 الموقع : ملتقى الكلمة الحرة
| موضوع: رد: الشاعر أمل دنقل الأربعاء مايو 31, 2017 3:05 am | |
| رسالة من الشمال
بعمر – من الشوك – مخشوشنِ
بعرق من الصيف لم يسكنِ
بتجويف حبّ ، به كاهنٌ
له زمن .. صامت الأرغنِ :
أعيش هنا
لا هنا ، إنّني
جهلت بكينونتي مسكني
غدي : عالم ضلّ عنّي الطريق
مسالكه للسدى تنحني
علاماته .. كانثيال الوضوء
على دنس منتن . منتنِ
تفح السواسن سمّ العطور
فأكفر بالعطر و السوسنِ
و أفصد و همي ... لأمتصّه
فيمتصّني الوهم ، يمتصّني ..
***
ملاكي : أنا في شمال الشمال
أعيش .. ككأس بلا مدمنِ
ترد الذباب انتظارا ، و تحسو
جمود موائدها الخوّنِ
غريب الحظايا ، بقايا الحكايا
من اللّيل لليل تستلنّي
أرشّ ابتسامي على كلّ وجه
توسّد في دهنه اللّينِ
و يجرحني الضوء في كلّ ليل
مرير الخطى ، صامتٍ ، محزنِ
سرَيتُ به – كالشعاع الضئيل –
إلى حيث لا عابرٌ ينثني
هي اسكندريّة بعد المساء
شتائيّة القلب و المحضنِ
شوارعها خاويات المدى
سوى : حارسٍ بي لا يعتني
ودودة كلبين كي ينسلا
ورائحة الشّبق المزمن
ملاكي .. ملاكي .. تساءل عنك
اغترابُ التفرّد في مسكني
سفحت لك اللّحن عبر المدى
طريقا إلى المبتدا ردّني
و عيناك : فيروزتان تضيئان
في خاتم الله .. كالأعينِ
تمدّان لي في المغيب الجناح
مدًى ، خلف خلف المدى الممعنِ
سألتهما في صلاة الغروب
عن الحبّ ، و الموت ، و الممكنِ
و لم تذكرا لي سوى خلجة
من الهدب قلت لها : هيمني !
هوايَ له شمس تنهيدة
إلى اليوم بالموت لم تؤمنِ
و كانت لنا خلوة ، إن غدا
لها الخوف أصبح في مأمنِ
مقاعدها ما تزال النجوم
تحجّ إلى صمتها المؤمنِ
حكينا لها ، و قرأنا بها
بصوت على الغيب مستأذنِ
دنُوًّا ، دنُوًّا ففي جَعبتي
حكايات حبّ سنيٍّ ، سني
صقلت به الشمس حتّى غدت
مرايا مساءٍ لتزيّني
وصفت لك النجم عقدا من
الماس شعّ على صدرك المفتني
أردتك قبل وجود الوجود
وجودا لتخليده لم أنِ
تغرّبت عنك ، لحيث الحياةُ
مناجمُ حلم بلا معدنِ
***
ملاكي : ترى ما يزال الجنوبُ
مشارق للصيف لم تعلنِ
ضممت لصدري تصاويرَنا
تصاوير تبكي على المقتني
سآتي إليك أجر المسيرَ
خطًى في تصلبّها المذعنِ
سآتي إليك كسيف تحطّم
في كفّ فارسه المثخنِ
سآتي إليك نحيلا .. نحيلا
كخيط من الحزن لم يحزنِ
***
أنا قادمٌ من شمال الشمالِ
لعينين – في موطني – موطني ! | |
|
| |
ثريا نبوي Admin
المساهمات : 232 تاريخ التسجيل : 28/04/2017
| موضوع: رد: الشاعر أمل دنقل السبت يونيو 03, 2017 5:48 pm | |
| تعقيب على ق/ البُكاءُ بين يَدَيْ زرقاءِ اليمامة أكثرُ من رااااااااااائعةٍ مُوووجِعة..سلِسةٌ بليغةٌ؛ وظَّفتِ الرمزَ المُكثَّفَ ببراعةٍ لوصفِ ظُلمِ الأوطانِ للأبناء وقد تكلَّمَ الشاعرُ -بطلاقةٍ ومرارةٍ- بلسانِ عنترة، واستدعى زرقاءَ اليمامةَ لِيُحاوِرَها كشريكةٍ في المُعاناة؛ ثُمَّ دمَجَ الظلمَ الواقعَ عليهما وجحودَ قومَيهِما؛ في هذا السطرِ التُّحفةِ الذي لَخَّصَ المأساة: [وحين فُوجئوا بحدِّ السيف : قايضوا بنا ..] وهناكَ الكثيرُ مِن الجمال الذي لا يتسِعُ له المجال بَيْدَ أنني وقفتُ هُنا على سؤالٍ صغير: أسائل القيودا : " ما للجِمال مَشيُها وئيدا .. ؟! " * لِمَ نُصِبَتِ (وئيدا) وحقُّها الرفعُ؛ خبر المُبتدأ: مَشيُها؟ أمِنْ أجلِ القافيةِ ضحَّى الشاعرُ بالنحو؟ لو قال: " ما للجِمال مَشيُها (غَدَا) وئيدا .. ؟! " لاتَّسَقَ النحوُ وبُرِّرَ النصبُ/ ولما تأثَّرَ الوزن. وبانتظارِ المُشمِّرين | |
|
| |
أحمد العربي Admin
المساهمات : 1017 تاريخ التسجيل : 27/04/2017 العمر : 59 الموقع : ملتقى الكلمة الحرة
| موضوع: رد: الشاعر أمل دنقل السبت يونيو 03, 2017 11:28 pm | |
| كلامك سليم الأستاذة الثريا لكن يبدو حتى الشعراء يتلعثمون أحيانا في حضرة القصيد جزيل شكر للفتاتك الراقية وانتباهتك القوية | |
|
| |
ثريا نبوي Admin
المساهمات : 232 تاريخ التسجيل : 28/04/2017
| موضوع: رد: الشاعر أمل دنقل الأحد يونيو 04, 2017 5:50 am | |
| الشكرُ والفضلُ للهِ شاعرَنا القدير وكم تُتعِبُني انتباهاتي القويةُ هذه في كل مكان فبينما أنا أكتُبُ تعقيبي على هذه القصيدة؛ لمحتُ نهايةَ قصيدةٍ هي الأخيرةُ هُنا في هذه المجموعة وقد تضمَّنت أخطاءً كيبورديةً ؛ أثَّرَتْ كثيرًا في النحوِ والقوافي والمعاني فما كان مني إلا أن صححتُها وقد تعدَّتِ العشرينَ تقريبًا لو ألزمَ نفسَهُ مَن وضَعَها على النت؛ بأمانةِ النقلِ عن الشاعر؛ لَما شُوِّهَ التُّراثُ بهذا الشكل ق/(رسالة من الشمال) على ما أتذكّر.. واللهُ المُستعان | |
|
| |
أحمد العربي Admin
المساهمات : 1017 تاريخ التسجيل : 27/04/2017 العمر : 59 الموقع : ملتقى الكلمة الحرة
| موضوع: رد: الشاعر أمل دنقل الأربعاء يونيو 07, 2017 1:28 am | |
| العار الذي نتّقيه
هذا الذي يجادلون فيه
قولي لهم عن أمّه ، و من أبوه
أنا و أنت .
حين أنجبناه ألقيناه فوق قمم الجبال كي يموت !
لكنّه ما مات
عاد إلينا عنفوان ذكريات
لم نجتريء أن نرفع العيون نحوه
لم نجتريء أن نرفع العيون
نحو عارنا المميت
***
ها طفلنا أمامنا غريب
ترشفه العيون و الظنون بازدرائها
و نحن لا نجيب
( و ربّما لو لم يكن من دمنا
كنّا مددنا نحوه اليدا
كنّا تبنّيناه راحمين نبله المهين )
لكنّه .. ما زال يقطع الدروب
يقطع الدروب
و في عيوننا الأسى المريب
***
" أوديب " عاد باحثا عن اللذين ألقيناه للردى
نحن اللّذان ألقياه للردى
و هذه المرّه لن نضيعه
و لن نتركه يتوه
ناديه
قولي إنّك أمّه التي ضنت عليه بالدفء
و بالبسمة و الحليب
قولي له أنّي أبوه
( هل يقتلني ؟ ) أنا أبوه
ما عاد عارا نتّقيه
العار : أن نموت دون ضمّه
من طفلنا الحبيب
من طفلنا " أوديب " | |
|
| |
أحمد العربي Admin
المساهمات : 1017 تاريخ التسجيل : 27/04/2017 العمر : 59 الموقع : ملتقى الكلمة الحرة
| موضوع: رد: الشاعر أمل دنقل الأربعاء يونيو 07, 2017 1:28 am | |
| استريحي !
استريحي
ليس للدور بقيّة
انتهت كلّ فصول المسرحيّة
فامسحي زيف المساحيق
و لا ترتدي تلك المسوح المرميّة
و اكشفي البسمة عمّا تحتها
من حنين .. و اشتهاء .. و خطيّة
كنت يوما فتنة قدسّتها
كنت يوما
ظمأ القلب .. وريّه
***
لم تكوني أبدا لي
إنّما كنت للحبّ الذي من سنتين
قطف التفاحتين
ثمّ ألقى
ببقايا القشرتين
و بكى قلبك حزنا
فغدا دمعة حمراء
بين الرئتين
و أنا ؛ قلبي منديل هوى
جففت عيناك فيه دمعتين
و محت فيه طلاء الشّفتين
و لوته ..
في ارتعاشات اليدين
كان ماضيك جدار فاصلا بيننا
كان ضلالا شبحيّه
فاستريحي
ليس للدور بقيّة
أينما نحن جلسنا
ارتسمت صورة الآخر في الركن القصيّ
كنت تخشين من اللّمسة
أن تمحي لمسته في راحتي
و أحاديثك في الهمس معي
إنّما كانت إليه ..
لا إليّ
فاستريحي
لم يبق سوى حيرة السير على المفترق
كيف أقصيك عن النار
و في صدرك الرغبة أن تحترقي ؟
كيف أدنيك من النهر
و في قلبك الخوف و ذكرى الغارق ؟
أنا أحببتك حقّا
إنّما لست أدري
أنا .. أم أنت الضحيّة ؟
فاستريحي ، ليس للدور بقيّة | |
|
| |
أحمد العربي Admin
المساهمات : 1017 تاريخ التسجيل : 27/04/2017 العمر : 59 الموقع : ملتقى الكلمة الحرة
| موضوع: رد: الشاعر أمل دنقل الأربعاء يونيو 07, 2017 1:29 am | |
| ماريـّا
ماريّا ؛ يا ساقية المشرب
اللّيلة عيد
لكنّا نخفي جمرات التنهيد !
صبى النشوة نخبا .. نخبا
صبى حبّا
قد جئنا اللّيلة من أجلك
لنريح العمر المتشرّد خلف الغيب المهلك
في ظلّ الأهداب الإغريقيّة !
ما أحلى استرخاءه حزن في ظلّك
في ظلّ الهدب الأسود
...................
ماذا يا ماريّا ؟
الناس هنا كالناس هنالك في اليونان
بسطاء العيشة ، محبوبون
لا يا ماريّا
الناس هنا – في المدن الكبرى – ساعات
لا تتخلّف
لا تتوقّف
لا تتصرّف
آلات ، آلات ، آلات
كفى يا ماريّا
نحن نريد حديثا نرشف منه النسيان !
..........................
ماذا يا سيّدة البهجة ؟
العام القادم في بيتي زوجة ؟ !
قد ضاعت يا ماريّا من كنت أودّ
ماتت في حضن آخر
لكن ما فائدة الذكرى
ما جدوى الحزن المقعد
نحن جميعا نحجب ضوء الشمس و نهرب
كفى يا ماريّا
نحن نريد حديثا نرشف منه النسيان
..................
قولي يا ماريّا
أوما كنت زمانا طفلة
يلقي الشعر على جبهتها ظلّه
من أوّل رجل دخل الجنّة واستلقى فوق الشطآن
علقت في جبهته من ليلك خصله
فضّ الثغر بأوّل قبله
أو ما غنّيت لأوّل حبّ
غنّينا يا ماريّا
أغنية من سنوات الحبّ العذب
........................
........................
.......................
ما أحلى النغمة
لتكاد تترجّم معناها كلمة .. كلمة
غنّيها ثانية ... غنّي
( أوف .
لا تتجهّم
ما دمت جواري ، فلتتبسم
بين يديك و جودي كنز الحبّ
عيناي اللّيل .. ووجهي النور
شفتاي نبيذ معصور
صدري جنّتك الموعودة
و ذراعي وساد الربّ
فينسّم للحبّ ، تبسّم
لا تتجهّم
لا تتجهّم )
..........................
ما دمت جوارك يا ماريّا لن أتجهّم
حتّى لو كنت الآن شبابا كان
فأنا مثلك كنت صغيرا
أرفع عيني نحو الشمس كثيرا
لكنّي منذ هجرت بلادي
و الأشواق
تمضغني ، و عرفت الأطراق
مثلك منذ هجرت بلادك
و أنا أشتاق
أن أرجع يوما ما للشمس
أن يورق في جدبي فيضان الأمس
.......................
قولي يا ماريّا
العام القادم يبصر كلّ منّا أهله
كي أرجع طفلا .. و تعودي طفله
لكنّا اللّيلة محرومون
صبى أشجانك نخبا .. نخبا
صبى حبّا
فأنا ورفاقي
قد جئنا اللّيلة من أجلك ! | |
|
| |
أحمد العربي Admin
المساهمات : 1017 تاريخ التسجيل : 27/04/2017 العمر : 59 الموقع : ملتقى الكلمة الحرة
| موضوع: رد: الشاعر أمل دنقل الأربعاء يونيو 07, 2017 1:30 am | |
| قالت
قالت : تعال إليّ
واصعد ذلك الدرج الصغير
قلت : القيود تشدّني
و الخطو مضنى لا يسير
مهما بلغت فلست أبلغ ما بلغت
وقد أخور
درج صغير
غير أنّ طريقه .. بلا مصير
فدعي مكاني للأسى
وامضي إلى غدك الأمير
فالعمر أقصر من طموحي
و الأسى قتل الغدا
***
قالت : سأنزل
قلت : يا معبودتي لا تنزلي لي
قالت : سأنزل
قلت : خطوك منته في المستحيل
ما نحن ملتقيان
رغم توحّد الأمل النبيل
... ...
نزلت تدقّ على السكون
رنين ناقوس ثقيل
و عيوننا متشابكات في أسى الماضي الطويل
تخطو إليّ
و خطوها ما ضلّ يوما عن سبيل
و بكى العناق
و لم أجد إلاّ الصدى
إلاّ الصدى | |
|
| |
أحمد العربي Admin
المساهمات : 1017 تاريخ التسجيل : 27/04/2017 العمر : 59 الموقع : ملتقى الكلمة الحرة
| موضوع: رد: الشاعر أمل دنقل الأربعاء يونيو 07, 2017 1:30 am | |
| الموت في لوحات (1)
مصفوفة حقائبي على رفوف الذاكرة
و السفر الطويل ..
يبدأ دون أن تسير القاطرة !
رسائلي للشمس ..
تعود دون أن تمسّ !
رسائلي للأرض ..
تردّ دون أن تفضّ !
يميل ظلّي في الغروب دون أن أميل !
و ها أنا في مقعدي القانط .
وريقة .. و ريقة .. يسقط عمري من نتيجة الحائط
و الورق الساقط
يطفو على بحيرة الذكرى ، فتلتوي دوائرا
و تختفي .. دائرة .. فدائرة ! | |
|
| |
أحمد العربي Admin
المساهمات : 1017 تاريخ التسجيل : 27/04/2017 العمر : 59 الموقع : ملتقى الكلمة الحرة
| موضوع: رد: الشاعر أمل دنقل الأربعاء يونيو 07, 2017 1:31 am | |
| كلمات سبارتكوس الأخيرة
( مزج أوّل ) :
المجد للشيطان .. معبود الرياح
من قال " لا " في وجه من قالوا " نعم "
من علّم الإنسان تمزيق العدم
من قال " لا " .. فلم يمت ,
وظلّ روحا أبديّة الألم !
( مزج ثان ) :
معلّق أنا على مشانق الصباح
و جبهتي – بالموت – محنيّة
لأنّني لم أحنها .. حيّه !
... ...
يا اخوتي الذين يعبرون في الميدان مطرقين
منحدرين في نهاية المساء
في شارع الاسكندر الأكبر :
لا تخجلوا ..و لترفعوا عيونكم إليّ
لأنّكم معلقون جانبي .. على مشانق القيصر
فلترفعوا عيونكم إليّ
لربّما .. إذا التقت عيونكم بالموت في عينيّ
يبتسم الفناء داخلي .. لأنّكم رفعتم رأسكم .. مرّه !
" سيزيف " لم تعد على أكتافه الصّخره
يحملها الذين يولدون في مخادع الرّقيق
و البحر .. كالصحراء .. لا يروى العطش
لأنّ من يقول " لا " لا يرتوي إلاّ من الدموع !
.. فلترفعوا عيونكم للثائر المشنوق
فسوف تنتهون مثله .. غدا
و قبّلوا زوجاتكم .. هنا .. على قارعة الطريق
فسوف تنتهون ها هنا .. غدا
فالانحناء مرّ ..
و العنكبوت فوق أعناق الرجال ينسج الردى
فقبّلوا زوجاتكم .. إنّي تركت زوجتي بلا وداع
و إن رأيتم طفلي الذي تركته على ذراعها بلا ذراع
فعلّموه الانحناء !
علّموه الانحناء !
الله . لم يغفر خطيئة الشيطان حين قال لا !
و الودعاء الطيّبون ..
هم الذين يرثون الأرض في نهاية المدى
لأنّهم .. لا يشنقون !
فعلّموه الانحناء ..
و ليس ثمّ من مفر
لا تحلموا بعالم سعيد
فخلف كلّ قيصر يموت : قيصر جديد !
وخلف كلّ ثائر يموت : أحزان بلا جدوى ..
و دمعة سدى !
( مزج ثالث ) :
يا قيصر العظيم : قد أخطأت .. إنّي أعترف
دعني- على مشنقتي – ألثم يدك
ها أنذا أقبّل الحبل الذي في عنقي يلتف
فهو يداك ، و هو مجدك الذي يجبرنا أن نعبدك
دعني أكفّر عن خطيئتي
أمنحك – بعد ميتتي – جمجمتي
تصوغ منها لك كأسا لشرابك القويّ
.. فان فعلت ما أريد :
إن يسألوك مرّة عن دمي الشهيد
و هل ترى منحتني " الوجود " كي تسلبني " الوجود "
فقل لهم : قد مات .. غير حاقد عليّ
و هذه الكأس – التي كانت عظامها جمجمته –
وثيقة الغفران لي
يا قاتلي : إنّي صفحت عنك ..
في اللّحظة التي استرحت بعدها منّي :
استرحت منك !
لكنّني .. أوصيك إن تشأ شنق الجميع
أن ترحم الشّجر !
لا تقطع الجذوع كي تنصبها مشانقا
لا تقطع الجذوع
فربّما يأتي الربيع
" و العام عام جوع "
فلن تشم في الفروع .. نكهة الثمر !
وربّما يمرّ في بلادنا الصيف الخطر
فتقطع الصحراء . باحثا عن الظلال
فلا ترى سوى الهجير و الرمال و الهجير و الرمال
و الظمأ الناريّ في الضلوع !
يا سيّد الشواهد البيضاء في الدجى ..
يا قيصر الصقيع !
( مزج رابع ) :
يا اخوتي الذين يعبرون في الميدان في انحناء
منحدرين في نهاية المساء
لا تحلموا بعالم سعيد ..
فخلف كلّ قيصر يموت : قيصر جديد .
و إن رأيتم في الطريق " هانيبال "
فأخبروه أنّني انتظرته مديّ على أبواب " روما " المجهدة
و انتظرت شيوخ روما – تحت قوس النصر – قاهر الأبطال
و نسوة الرومان بين الزينة المعربدة
ظللن ينتظرن مقدّم الجنود ..
ذوي الرؤوس الأطلسيّة المجعّدة
لكن " هانيبال " ما جاءت جنوده المجنّدة
فأخبروه أنّني انتظرته ..انتظرته ..
لكنّه لم يأت !
و أنّني انتظرته ..حتّى انتهيت في حبال الموت
و في المدى : " قرطاجه " بالنار تحترق
" قرطاجه " كانت ضمير الشمس : قد تعلّمت معنى الركوع
و العنكبوت فوق أعناق الرجال
و الكلمات تختنق
يا اخوتي : قرطاجة العذراء تحترق
فقبّلوا زوجاتكم ،
إنّي تركت زوجتي بلا وداع
و إن رأيتم طفلى الذي تركته على ذراعها .. بلا ذراع
فعلّموه الانحناء ..
علّموه الانحناء ..
علّموه الانحناء .. | |
|
| |
أحمد العربي Admin
المساهمات : 1017 تاريخ التسجيل : 27/04/2017 العمر : 59 الموقع : ملتقى الكلمة الحرة
| موضوع: رد: الشاعر أمل دنقل الأربعاء يونيو 07, 2017 1:32 am | |
| الآخرون دائماً
لا تنظروا لي هكذا ،
إني أخاف..
لست أنا الذي سحقت الخصب في أطفالكم ،
جعلتهم خصيان
لست أن الذي نبشت القبر ،
كي أضاجع الجثمان
لست أنا الذي اختلست ليلة
لدى عشيقة الملك
فلتبحثوا عمن سيدلي باعتراف
الآخــــــــريــــــــن
( 1 )
هذا الصبي في فراشه اضطجع
وفي كتاب أحمر الغلاف
تجمدت عيناه في سطور :
***
((...وفجأة....ساد الظلام ...))
(( غالب لوبين نفسه......))
(( أشهر روجر مسدسة:
هل أطلق الرصاص بوبين ...))
(( ..ومزق الرصاص هدأة السكون ..))
(( صوت ارتطام جسم في الظلام ..))
(( صوت محرك يدور في نهاية الطريق ..))
.....وهب من فراشه يطارد الشبح
فشبح رأسه في قائم السرير..
تحسس الدماء في جبهته،
ثم انبطح
ليطلق الرصاص خلف المجرمين..
( 2 )
صديقتي .. شدت على يدي ،
وقالت: لن أجيء غرفتك
لا بد أن نبقى معا إلى الأبد..
ولم أرد
لأن ثوب العرس في معارض الأزياء
نجمة تدور في سراب
لم أزل أدق بابا بعد باب..
وخطوتي تنهيدة،
وأعيني ضباب..
حتى وصلت غرفتي في آخر المطاف
وهرتي تلد..
مواؤها عذاب أثنى ليلة المخاض
أنثى وحيدة تلد..
وأخلد الجيران للسكون
وقطهم جاف على نافذة بين
يلعق في فروته الناصعة البياض
يلعق عن فروته عذاب هرتى المتحد
.. سعت إليه ذات ليلة،
ولم تسله ثوباً للزفاف
لأن ثوب العرس في معارض الأزياء
نجمة تدور في سراب
(3)
بلقيس ألهبت سليمان الحكيم
أنثى رمت بساطها المضياف للنجوم
لكن سليمان الحكيم..
يقتل غيلة أمير الجند
لأنه يريد أن يبنى بزوجة الأمير
وزوجة الأمير تغتال ابن بلقيس الصغير
لأنها تريد أن يكون طفلها ولي العهد
لكن ولي العهد قال لي
بأنه حين يفع
بلقيس راودته ذات ليلة عن نفسها
لم يستطع
أن يمتنع
..كانت غلالة من الحرير
تهتز فوق مشجب المساء
سألته:
هل تستطيع يا صديقي الإفشاء
عن ابن بلقيس ..أبوه من يكون؟
قال: أنا ما قلت شيئا،
ما فعلت شى
الآخرون.........................
***
لأنني أخاف
لا تنظروا لى هكذا،..فالآخرون
هم الذين يفعلون | |
|
| |
أحمد العربي Admin
المساهمات : 1017 تاريخ التسجيل : 27/04/2017 العمر : 59 الموقع : ملتقى الكلمة الحرة
| موضوع: رد: الشاعر أمل دنقل الأربعاء يونيو 07, 2017 1:33 am | |
| الزيارة
يقال لم يجئ..
وقيل: لا .. بل جاء بالأمس
واستقبلته في المطار بعثة الشرف
وأطلقوا عشرين طلقة- لدى وصوله-
وطلقة..في كبد الشمس
(لذا فإن الشمس لم تشرق علينا ذلك الصباح)
*
.. وقيل.. قيل إنه بعد مجئيه انصرف!
فلم يطب له المقام.
وقيل معشوقته هى التى لم ترض بالمقام
ثارت.. لأن كلبها الأثير لم يحتمل الحر..
فعافت نفسه الطعام
(أصدرت السلطات مرسوماً بأن يكف الطقس عن حرارته!!
لذا فإن الشمس لم تشرق علينا هذا الصباح)
*
من منكم الذي رأى صورته تنشر في صدارة الصحف
يقال إن أذنه مقطوعة الصوان!
هل شظيه في الحرب؟!
هل خنجر لأمرأة غيور؟
أم.. شده سيده منها مؤنباً..
ما فاقتلعتها يده في الجذب؟!
وقيل إن أنفه ملتهب من الشراب
ويدمن النساء في نداوة الشباب
(فهومن الفرسان في هذا المجال:
قرر أن ينضم باسم شعبة للأمم المتحده..
حين رأى موظفاتها بديعات الجمال ! )
أنّى مشى..تحوطه حاشيه من النساء
يكسفن وجه الشمس أو يخسفن القمر
(لذا فإن الشمس لم تشرق علينا هذا الصباح )
***
ظللتُ أصغي للذي يشيع
حتى تهدلت على أذني أقاويل الوشاة
لكنني...حين أويت في نهاية المساء
عثرت في الراديو على محطة تغدق فوقه الثناء
تقول عنه..انه لولاه..ما تساقط المطر
ولا تبلور الندى...ولا تنفس الشجر
ولا تدفأت عاصفير الشتاء
..كان المذيع لاينأى يقول
يصفه بأنه حامي حمى الدين المنيع
وانه ينهج في حياته نهج الرسول
****
ترى ..أكان صدقا ما تتناقل الشفاه ؟!؟
أم كان صدقا مايقوله المذيع؟!؟ | |
|
| |
أحمد العربي Admin
المساهمات : 1017 تاريخ التسجيل : 27/04/2017 العمر : 59 الموقع : ملتقى الكلمة الحرة
| موضوع: رد: الشاعر أمل دنقل الأربعاء يونيو 07, 2017 1:33 am | |
| إلى صديقة دمشقية
إذا سباكِ قائدُ التتار
وصرتِ محظية..
فشد شعرا منك سعار
وافتض عذرية..
واغرورقت عيونك الزرق السماوية
بدمعة كالصيف ، ماسية
وغبت في الأسوار ،
فمن ترى فتح عين الليل بابتسامة النهار؟
***
مازلتِ رغم الصمت والحصار
أذكر عينيك المضيئتين من خلف الخمار
وبسمة الثغر الطفولية..
أذكر أمسياتنا القصار
ورحلة السفح الصباحية
حين التقينا نضرب الأشجار
ونقذف الأحجار
في مساء فسقية !
****
قلتِ – ونحن نسدل الأستار
في شرفة البيت الأمامية:
لاتبتعد عني
انظرْ إلى عيني
هل تستحق دمعةً من أدمع الحزن؟
ولم أجبكِ، فالمباخر الشآمية
والحب والتذكار
طغت على لحني
لم تبق مني وهم ، أغنية !
وقلتُ ، والصمت العميق تدقه الأمطار
على الشوارع الجليدية:
عدتُ إليك..بعد طول التيه في البحار
أدفن حزني في عبير الخصلات الكستنائية
أسير في جناتك الخضر الربيعية
أبلٌ ريق الشوق من غدرانها ،
أغسل عن وجهي الغبار!!
نافحتُ عنك قائد التتار
رشقتُ في جواده..مدية
لكنني خشيت أن تَمسّكِ الأخطار
حين استحالت في الدجى الرؤية
لذا استطاع في سحابة الغبار
ان يخطف العذراء....تاركا على يدي الأزرار
كالوهم ، كالفريه !
.......... ............ .........
(......ما بالنا نستذكر الماضي ، دعي الأظفار...
لا تنبش الموتى ، تعرى حرمة الأسرار.....)
****
يا كم تمنت زمرة الأشرار
لو مزقوا تنورة في الخصر...بُنيّة
لو علموك العزف في القيثار
لتطربيهم كل امسية
حتى إذا انفضت أغنياتك الدمشقية
تناهبوك ؛ القادة الأقزام..والأنصار
ثم رموك للجنود الانكشارية
يقضون من شبابك الأوطار
****
الآن...مهما يقرع الإعصار
نوافذ البيت الزجاجية ،
لن ينطفي في الموقد المكدود رقص النار
تستدفئ الأيدى على وهج العناق الحار
كي تولد الشمس التي نختار
في وحشة الليل الشتائية! | |
|
| |
| الشاعر أمل دنقل | |
|