جدتي كانت تقول
...
الموت مرّ من هنا
كمثل كل عام
يأتي خلسة ويروح
وتستمر كل المواسم
المطر
الحصاد
عودة الأغنام إلى البيوت
والصيف ..والخريف
لا شيء يختلف
...
جدتي قالت
إن الربيع يمر كل عام
قد يجف ماء الينبوع في حقولنا
لكنها الأزهار تضوع عطرها
والأشجار تورق
وإن شجرة التوت قد زرعها جدي في يوم ثلج
قبل أن يسافر بقمحه إلى بيروت
ومن يومها ما عاد جدي
لكن شجرة التوت ما تزالُ تعطي أكلها للحاضرين
وفيئها لكل من قرأ السلام ها هنا
....
جدتي كانت تقول إنها تحبه
قالت إنها تحبه كثيرا
وقالت إنها تكرهه
لأنه لم يودعها
ولم يعد
...
صار جدي في ناظريها مثل تمثال حجر
تمسح دموعها بمنديل أهداها إياه ذات مساء
خلسة منحها منديل أمه
وتفصد جبينه عرقا ..
ربما خجلا
لكنها بعد أن تمسح الذكرى بمنديله
قالت إنه كان ربيع عمرها
وإنها تحبه
وإنه أحضر هدية عرسها من بيروت
وأهداها مزهرية مقدسية
وزجاجة عطر من دمشق
..
قالت إنها تحبه
لأنه منحها كل المدن
وإنها تحبه
لأنه بنى لها تنورها
الذي ما يزال يمنح الفلاحين خبزه
وإنه ما يزال يجيء كل حلم
ليقبل جبينها
وإنه
وإنها
وزار الموت جدتي
لأنها
ولأنها