سلمى
....
عندما يكون الترحال قدرك الأوحد بلا هدف ..بلا رغبة ..رحلة البحث عن اللا شيء ..
قد تجد أحدا ما ....بين اللاءات التي تقدسها شديد الشبه بك حتى من داخلك ..تلك هي سلمى
.....
سلمى مصريّة سمراء
جميلة ممشوقة القوام
عيناها كلون الليل في بلادي
إذا نظرت فيهما ترى ملامح نينوى واسكندرون ..تمنحك اكتشاف ما وراء الأمل ..ما وراء الوراء
سلمى تشبه كلّ من أحببت في تاريخنا العربيّ من نساء
كأنّها بثن و عبلة ..ليلى وزينب أو سعاد
بل كأنّها بلقيس..زنوبيا أو بنت فلسطين ..دلال
كأنها من الجزائر جميلة أو ربّما هي الخنساء
التقيتها ذات حزنٍ في -دندنة - في مدينة الأوهام
قالت :كيف جئت تبحث عن الحياة في مدينة تعجّ بالموات
سلمى اسكندرانية رائعة كما البحر ...
إذا رأيتها يعصف قلبي ..تشقشق عصافير الفؤاد
كانت تمجّد الفجر تارة ..وألف مرّة تلعن الظلام
شاعرة تغني للفراشات والنوارس ..للبحر والزيتون
قالت لي مرة انها تعشق حمص والدراق
وأنها طالما تغنّت بالسنابل والياسمين والرمّان
طالما تغنّت بالغوطة والنيل والأطلس والفرات
قلت يا سلمى لست الآن غايتي وقضيتي
رأسي مكتظةّ بأفكارٍ من التفاح والقرنفل
بحواري حمص ،بزيزفونها ...بخضرة التلال والبراري
بالفجر كيف يشهق عند قاسيون
بالكبّاث كيف ينطق ذات ضباب في بادية الشام
قالت إنها تعشق العاصي ومسجد خالد... وحمرة التفاح
العاصي يا سليمى فاض بالمآسي
ومسجد خالد استباحه الرعاع والغوغاء
حمص لم تعد تعرف إلا لغة القنابل والدخان ، وحمرة الدماء
أهرقت سلمى بغير إذن دمعها ،أجهشت:
حمص لن تموت سيدي
والعاصي لن يضيره الردى
حمص ستنهض رغم جراحها كما الياسمين ينهض مهما دكّه الأوغاد والدهماء
قالت وهي تمسح أسرابا من الحزن
ماذا عن العروبة؟
تلعثمتُ .خانتني خارطة المدن
ماذا أجيب عن قرطاجنّة ..مُرّاكش ..عمّان .عن سباق الهجن
ليتها ماتت قبل أن تذبح الشآم
فاستدركتْ :سيبزغ الفجر رغم أنوفهم أولاد اللئام
هل رأيت المنشية ؟
هل رأيت نهرنا النيل؟
رأيت المنشية يلفّها الفقر وأسراب من الأحزان ..غابت عنها ملامح ناصر
يمشي الخوف في أسواقها ..ترى الوجوه شائهة حيرى بلا ملامح
وقفت سلمى كلها غضب وغيظ
تشتم الساسة ...و الشعوب كيف تسوسهم عصابة الأزلام
وأردفت هل رأيت النيل ؟
بلى سلمى
رأيت النيل يضحك ضحكة غائرة صفراء..يبسم بغصّة
رأيته مكبّلا... إلى الأصنام والأوثان
رأيته ..لكن موئلا للبوم والغربان
ما قصدت هذا سيدي
هل رأيت كم مرّت عليه قطعان من الغوغاء...دهور من القهر و الطغيان
هذه مصر ستبقى رغم أنوفهم
هذه مصر قدرها أن يحاولوا قتلها
لكنهم خسئوا
ستبقى مهما حاولوا أخت الشام
ستبقى مصر نارا تحرّقهم على الدوام
.....