*** خارطة الوقت ***
........
على أبواب قمّة الأعراب
نقف على حافّة الأشياء
ظلامٌ باردٌ كالرخام
أفقٌ ضبابيٌّ يخنقه غبار الوقت
رمالٌ تذروها رياح الوهن
والشمس كالحة تماما
والبحر ملح تجمّد في النخاع
رمادية هي الأزهار
رمادية حتى الدماء
الأطيار تسمّرت
والنجوم تراقب الأفق الكئيب
الصحراء تهاجر من معاقلها
وتقتحم الحقول
تغتال سنابلها
تعرّيها من أصواتها ومن أضوائها
الجمال يسقط مضرجا
تحت أحذية الأفول
قوس قزح يحكي عن الترحيل ..
والقنابل المبعثرة
عن الجداول والمعاول
يحكي دموع قبرة
وأشلاء الضوء والياسمين
تقعر كل شيء ..
الماء والصنوبر
الأحاديث ماتت
الأفواه تيبّس في حناجرها الكلام
الدروب نسيت ملامحها
وأشواك الوقت تنخر في الجباه
أيّ ظلام حالك أنت
كلّ المعاني توقّفت عند النزيف
وكل المكارم تحت سنابك الخيل الرديء
أضحت ركام
فمن يوقف اغتيال الوقت
بغداد يملؤها التتار
يخطفها الزناة كل ليل
وقاهرة المعزّ تنظر من بعيد
قاسيون يبكي عفّة العذراء
مدن أصابها العته..ولا تدري
جباة المال يزبدون ويرعدون
ويسّاقطون سكارى
على أبواب هولاكو اللعين
أيّ زمان أنت
تحمل كل رداءة الخُلق الذميم
وخارطة الوقت تأكل بعضها
على أبواب قمّة الأعراب
غربان هذا الزمان المرّ
يقفون على حافة الأشلاء
يرسمون بطولاتهم على أوراقهم
وعلى دمانا
يهرّجون ويأكلون ويمرحون
يحاربون بالكلمات إلا شعوبهم
يتصوّرون
لوحات للذكرى هي
هبلٌ يصافح اللّات
أصنام تصفّق
على شرف مصالحة الكلام
أيّ زمان أنت
بعثرت كل الأماكن وأسماء المدن
والحكايا تبدّلت
وسادت بطولات الهراء
تغيّرت كل القيم
الكرامة والشهامة
والنباهة والكرم
فهل هذا وجه الحقيقة مرة أخرى
أم دورة التاريخ الآن بطعم العلقم
يا أمّة العرب هل فعلا سبايا نحن
أسلمنا الغزاة إلى الهواء
أم هو الزمان مرّغ وجهنا بظلامه
هل تقلب الأشياء
وتشرق الشمس غدا
أراها ربّما في القدس يوما
أو على أبواب كربلاء
ربّما ...أو ربّما
أجد الشهيد على أبواب غزة
يغني لطنجة او لتونس الخضراء
أو ربما تحررت سيناء
والجولان يورق في غد
بأحلى أزهار السناء
أو ربّما لا أعرف
قد تضيع حتى هذه من يومنا
من تبغنا
تنفضنا كما الرماد في مستنقع للوقت أو للصمت
فربّما و ربّما
يا قمة الأشلاء...صفقوا
أو ربّما تبيعونا كلاما آخرا
هي خارطة الوقت
ومنتهى الأشياء
ربما أحلامنا ندفٌ من الثلج
أو كلّ كلامنا هراء
أين إذا حقيقة الأشياء؟؟
يا قمة الأعراب ..ربما
نحن مكمن البلاء
أو ربما أنتم ..
عراة الزمان المر
من عهركم
نلعن الوقت
تمّحي ملامح العروبة
تفقد فقهها الأشياء
.........
10/3/2010