تعريف بكتاب تاريخ دمشق للحافظ ابن عساكر
قصة الإسلام
14/08/2016 - 1:27pm
دمشق_القديمة_-_قصر_العظم.gif
يحتل كتاب دمشق للحافظ ابن عساكر مكانة مرموقة؛ لكونه من أضخم الكتب التي ألفت عن مدينة واحدة في التراث العلمي التاريخي العربي، كتاب بلغت مجلداته ثمانين مجلدة، وهذه الثمانون مجلدة التي وضعها ابن عساكر عن مدينة دمشق كان معظمها سردًا لتراجم الأشخاص، وليس هذا بمستغرب فقد سمّى كتابه "تاريخ مدينة دمشق وذكر فضلها وتسمية من حلّها من الأماثل أو اجتاز بنواحيها من وارديها وأهلها". والقسم الذي خصصه في بداية بحثه عن المدينة كان بمنزلة المدخل أو المقدمة لكتابه، فوصف مدينة دمشق جاء في نصف مجلدة من المجلدات الثمانين.
تسمية كتاب تاريخ دمشق:
سمى أبو القاسم الحافظ ابن عساكر تاريخه "تاريخ مدينة دمشق وذكر فضلها وتسمية من حلها من الأماثل أو اجتاز بنواحيها من وارديها وأهلها"، يفهم من تمسيته أنه أرخ لمدينة دمشق في مرحلة ما أو في عصره. والذي يعرض للكتاب يرى أن ابن عساكر لم يخص دمشق أو نواحيها فقط بل تعداها في الكلام فكتب لبلاد الشام كلها، ويصبح التخصيص في التسمية قاصرا عن الإحاطة بمضمون شمولية الكتابة والمواضيع والتراجم التي تطرأ إليها.
يقول د. شكري فيصل: إن المؤلف لا يقدم لنا تاريخا دمشقيا ولا تاريخا شاميا فسحب، وإنما يقدم تاريخا حضاريا لهذه البلاد كلها التي انتشر فيها الإسلام وسادت فيها العربية وانساحت فيها مهاجرة العرب المسلمين بين أقصى الشرق فيما وراء النهر وبين أطراف المحيط.
ولقد خص الحافظ المجلدة الأولى بفضائل الشام وفتوح الشام عامة وبعض المجلدة بخطط دمشق وذكر مساجدها وكنائسها وأبوابها ودورها وأنهارها وقنواتها ثم بدأ بالترجمة لكل من دخلها أو اجتاز بنواحيها من أنبيائها وهداتها وخلفائها وولاتها وفقهائها وقضاتها وعلمائها ورواتها وقرائها ونحاتها وشعرائها.
خطط دمشق:
وحين حقق صلاح الدين المنجد المجلدة الأولى، والجزء الأول من المجلدة الثانية أسماه "خطط دمشق" لما وجد فيه من معلومات مهمة عن أبواب المدينة ومساجدها وكنائسها وأنهارها وحماماتها ومقابرها والدور والمنازل الشهيرة فيها.
أفرد ابن عساكر بابًا خاصًا لأبواب المدينة وهي تكاد لم تتغير أسماؤها، فالأول الباب الصغير ويسميه أيضًا باب الشاغور، والثاني باب كيسان، وهو الباب الذي أقيمت عليه سنة 1939م كنيسة القديس بولس، والثالث الباب الشرقي، والرابع، باب توما، والخامس باب السلامة ويعرف اليوم بباب السلام، والسادس باب الفراديس ويعرف اليوم بباب العمارة، والسابع باب الفرج ويعرف اليوم عند بعضهم باسم باب المناخلية، والثامن باب الجابية، ولا تزال هذه الأبواب الثمانية باقية حتى هذا اليوم بحالة جيدة نتيجة للترميمات التي تمت في عهد الأيوبيين والمماليك.
وقد أسهب ابن عساكر في الحديث وليس في الوصف عن الجامع الأموي الذي لم يكن في عهده سواه، فما يذكره هو روايات عن شرف المسجد الجامع بدمشق وفضله وما ذُكر من الأمر الشائع من هدم الوليد بقية كنيسة "مَريُحنا" وإدخاله إياها في الجامع، ثم ما ذُكر في بناء المسجد الجامع واختيار بانيه وموضعه على سائر المواضع، وكيفية ترخيمه وتزويقه وكمية المال الذي عليه أنفق وذكر ما كان في الجامع من القناديل والآلات. هذه الروايات في الواقع لاتقدم معلومات ذات قيمة لدارسي الآثار لأنها روايات ذات طابع تاريخي وغير متفق عليها. وقد وجد في دمشق أيام ابن عساكر مساجد صغيرة موزعة في أنحاء المدينة بلغ تعدادها 242 مسجدًا، داخل السور منها 116 مسجدًا في الجانب الجنوبي من المدينة، والباقي في الجانب الشمالي، ولم تكن للمساجد أسماء وإنما كان ابن عساكر يذكرها وفق مكانها من الحي أو الدرب، أما المساجد الكائنة خارج السور فبلغ عددها 178 مسجدًا موزعة بحسب جهات المدينة الأربع، ومن هذا العدد الكبير تمكن عبد القادر الريحاوي من تعرف أحد عشر مسجدًا. أما الكنائس فقد ذكر خمس عشرة كنيسة كانت دخلت في الصلح يوم فتح دمشق.
وأحصى ابن عساكر حمامات البلد في أيامه فكانت أربعين حمامًا داخل المدينة و17 حمامًا خارج الأسوار وفي الربض، وتعرّف الريحاوي ثلاثة فقط لا تزال باقية إلى هذا اليوم.
لم يفرد ابن عساكر بابًا خاصًا للمدارس، ولكن عددًا من مدارس دمشق المشهورة وردت أسماؤها من خلال حديثه عن المساجد والقنوات والخطط، وهي إحدى عشرة مدرسة تقع داخل السور، وتعرّف الريحاوي خمسة لا تزال موجودة إلى اليوم.
وقد عدد ابن عساكر الدور المشهورة داخل السور، فبدأ حديثه عن دار الإمارة وهي الخضراء قصر معاوية، ثم ذكر الدور التي كانت للصحابة والأمراء وهي ثلاثون دارًا ونيف، ويعلق ابن عساكر بأنه لا سبيل إلى تحقيق أمرها لتغيرها عن أوضاعها لكثرة نواحيها وأصقاعها.
قيمة كتاب تاريخ دمشق:
ولم يكن تاريخ ابن عساكر أول تاريخ لدمشق والشام، ولم يكن تاريخ دمشق الأول من نوعه بين كتب تاريخ المدن، فقبله ألف "تاريخ الرقة" للقشيري، و"تاريخ أصبهان" لأبي نعيم، و"تاريخ نيسابور" للإمام الحاكم، و"تاريخ بغداد" للحافظ الخطيب البغدادي وهو أهم ما أنتج قبله.
ويمتاز تاريخ دمشق عن التواريخ التي سبقته أنه أوسعها مادة وأشملها توجها، وفي قيمته ومكانته يقول: د. صلاح الدين المنجد: لم تشهد دمشق في تاريخها محدثا فاق الحافظ في الحديث، ولم تعرف في تاريخها ثمانين مجلدة غيره، فيكفيها فخرا أنها أوتيت أوسع تاريخ كتب عن مدينة إسلامية كتبه مؤلف من أعظم العلماء في صدر الاسلام.
وفي قيمته يقول الأستاذ محمد كرد علي: ما حظيت مدينة في الإسلام بتاريخ لها يضاهي تاريخ دمشق هذا. ويقول: وقد يكون تاريخ دمشق أوسع تواريخ المدن، وهو أيضا من أوسع المصادر في تراجم الرجال، حتى ليجرد منه كتب على حدة في موضوعات مختلفة، كولاة دمشق مثلا، وقضاتها، وشعرائها، ومنه يستخرج أحسن تاريخ لبني أمية سكتت معظم التواريخ عنه. وهو إلى ذلك حوى عدة كتب مستقلة فكل طالب يظفر فيه بطلبته ويجد فيه ما لا يجده في كتاب غيره؛ لأن ابن عساكر يمتاز بالتحري والبسط والاستقصاء وتتبع النوادر في سير المترجم لهم وأخبارهم.
متى وضع ابن عساكر تصوره العام لتاريخه؟
ومن المؤكد أن الحافظ كان قد وضع تصوره العام لموضوع كتابه في وقت مبكر، ولعله وضع النهج والمخطط التفصيلي لمضمون الموضوعات التي سيتناولها بالبحث، ولعل هذا التصور المبدئي هو الذي دفع به إلى رحلتيه الأولى والثانية إلى بغداد ومنها إلى مكة وبلاد الحجاز ثم توجهه إلى بلاد العجم، فقد تأكد بشهادة رفيقه وصديقه أبي سعد السمعاني أنه بدأ بكتابه قبل رحلته إلى بلاد العجم يقول السمعاني: "دخل نيسابور قبلي بشهر سمعت منه وسمع مني، وسمعت منه معجمه وحصل لي بدمشق نسخة منه، وكان قد شرع في التاريخ الكبير لدمشق".
وقد كانت رحلة ابن عساكر إلى بلاد العجم في سنة 529هـ، وكانت عودته إلى دمشق في سنة 533هـ، وقد استقر فيها منصرفا إلى التدريس والتصنيف والتأليف، وكان نتاج رحلاته تحصيله علما كثيرا وحفظه وإتقانه حديثا واسعا ومعرفة طرقه وأسانيده ومتونه، وهو ما ظهر في كتاب تاريخ دمشق.
منهج ابن عساكر في كتابه تاريخ دمشق:
ويتحدث الحافظ ابن عساكر في مقدمته عن كتابه وعمله ونهجه فيه، فقال: أما بعد فإني كنت بدأت قديما بالاعتزام لسؤال من قابلت سؤاله بالامتثال والالتزام على جمع تاريخ لمدينة دمشق، أم الشام حمى الله ربوعها من الدثور والانفصام وسلم جرعها من كيد قاصديهم بالاختصام فيه ذكر من حلها من الأماثل والأعلام، فبدأت به عازما على الإنجاز له والاتمام، فعاقت إنجازه وإتمامه عوائق الأيام من شدة الخاطر وكلال الناظر وتعاقب الآلام، فصدقت عن العمل به برهة من الأعوام حتى كثر عليَّ في إهماله وتركته لوم اللوام وتحشيم من تحشيمه سبب لوجود الاحتشام، وظهر ذكر شروعي فيه حتى خرج عن حد الاكتنام، وانتشر الحديث فيه بين الخواص والعوام، وتطلع إلى مطالعته أولو النهى وذوو الأحكام، ورقى خبر جمعي له إلى حضرة الملك القمقام الكامل العادل الزاهد المجاهد المرابط الهمام أبي القاسم محمود بن زنكي بن آق سنقر ناصر الإمام أدام الله ظل دولته على كافة الأنام، وأبقاه مسلما من الأسواء منصور الأعلام منتقما من عداة المسلمين الكفرة الطغام، معظما لحملة الدين بإظهار الإكرام لهم والاحترام، منعما عليهم بإدرار الإحسان إليهم والإنعام، عافيا عن ذنوب ذوي الإساءات والاجترام، بانيا للمساجد والمدارس والأسوار ومكاتب الأيتام، راضيا بأخذ الحلال رافضا لاكتساب الحطام، آمرا بالمعروف زاجرا على ارتكاب الحرام، ناصرا للملهوف وقاهرا للظالم العسوف بالانتقام، قامعا لأرباب البدع بالإبعاد لهم والإرغام، خالعا لقلوب الكفرة بالجرأة عليهم والإقدام، وبلغني تشوقه إلى الاستنجاز له والاستتمام، ليلم بمطالعة ما تيسر منه بعض الإلمام، فراجعت العمل فيه راجيا الظفر بالتمام، شاكرا لما ظهر منه من حسن الاهتمام، مبادرا ما يحول دون المراد من حلول الحمام، مع كون الكبر مظنة العجز ومطية الأسقام، وضعف البصر حائلا دون الاتقان له والإحكام، والله المعين فيه بلطفه على بلوغ المرام.
وانتهى من تصنيفه في مرحلته الأولى سنة 549هـ وبلغ 570 جزءا، ثم أخذ يزيد فيه ويضم إليه ما يستجد عنده، حتى تمت نسخته الجديدة والمؤلفة من ثمانين مجلدا سنة 559هـ.
وقد رد المنجد أن الحافظ سلخ في تأليف تاريخه ثلاثين سنة أو أقل قليلا، ويقول ياقوت الحموي: وجمع وصنف فمن ذلك: كتاب تاريخ مدينة دمشق وأخبارها وأخبار من حلها أوردها في خمسمئة وسبعين جزءا من تجزئة الأصل والنسخة الجديدة ثمانمئة جزء. ويقول الذهبي: وصنف وجمع فأحسن، فمن ذلك تاريخه في ثمان مئة جزء، قلت: الجزء عشرون ورقة فيكون ستة عشر ألف ورقة.
ويقول د شكري فيصل عن كتاب تاريخ مدينة دمشق مظهرا مكانته بين كتب التراث بعامة ومكانته من كتب التاريخ بخاصة ومكانته من التاريخ لبلاد الشام بوجه أخص يقول: إنه يؤرخ لجوانب من الجاهلية، من حيث يترجم لرجال من الجاهليين والمخضرمين عرفوا دمشق وأعمالها أو حلوا بها أو اجتازوا بنواحيها من وارديها وأهلها كما يقول في عنوان كتابه.
ثم هو يؤرخ للسيرة النبوية بجوانبها وللذي اتصل بها ونتج عنها وما كان فيها من أحداث، وذلك حين يبدأ كتابه بسيرة النبي صلى الله عليه وسلم ويخصص لذلك نصف المجلدة الثانية ثم هو يترجم للخلفاء الراشدين رضي الله عنهم، ولمن كان حولهم ومعهم تراجم طويلة مستوفاة فتأتي هذه التراجم وكأنها تاريخ للعصر كله بالكثير من دقائقه التي لا نجد بعض مادتها عند غيره، والتي لا تمتد في بلاد الشام وحدها بل في أقطار الإسلام كلها، حيث انتشر هؤلاء العرب في العصر الأموي من أقطار الدنيا هداة أو دعاة فوادا أو علماء.
ومن الطبيعي أن يكون كتاب ابن عساكر أغنى المصادر عن تاريخ الأمويين، ولكن تاريخ الأمويين ليس تاريخهم هم فحسب، وإنما هو تاريخ العرب والمسلمين في الفترة التي كانت فيها دمشق عاصمة الحياة العربية، وما أكثر ما تواشجت الصلاة في القرن الأول في مقر الخلافة، وهل كانت الجماعات العربية بكبار رجالها أو أرهاط قبائلها في غنى عن زيارة الشام والوفود على الخلفاء والاستجابة لندبهم في هذه البعوث أو تلك أو في الفتوحات البرية أو في الفتوحات البحرية؟ ألم تكن الشام في السلم والحرب في معارك صفين أو في حركات العراق والحجاز في البعوث نحو إفريقيا أو نحو القسطنطينية هي مهاد هذا الملتقى الكبير الذي انصهرت فيه القبائل وامتدت أمة واحدة هنا نحو أقصى الشرق وهناك نحو أقصى الغرب، ألا يؤكد ذلك كله عندنا أن هذا التاريخ هو تاريخ للعالم الإسلامي كله من خلال هذه العدسة الضوئية الصغيرة المكبرة: دمشق.
وهل كانت الشام بمعزل عن الحياة والمشاركة فيها في القرون التي تلت قيام الدولة العباسية؟ ألم يدخلها علماء وخلفاء وقواد؟ ألم يرتحل منها فقهاء وشعراء وولاة وقضاة ورواه كان لهم في صياغة تاريخ العرب والمسلمين جميعا نصيب؟ إن تاريخ دمشق لابن عساكر يقدم للذين يدرسون التاريخ الأندلسي: فتوحاته وسياسته وإمارته وخلافته وإدارته وقيادته وعلومه وثقافته وأدبه وفكره مادة طيبة وخاصة في بداياته الأولى مما هو جدير بالتتبع له والإفادة منه.
وكان تاريخ ابن عساكر: يمتد في المكان امتداد بلاد الشام من أقصى شمالها الى أقصى جنوبها ثم يجاوز ذلك ليكون على امتداد الوطن الإسلامي والثقافة الإسلامية. ويمتد في الزمان ليسجل أطرافا من تاريخ الجاهلية ثم يكون تاريخا للسيرة النبوية والعصر الراشدي والخلافة الأموية ثم ما بعدها من الخلافة العباسية والدويلات حتى وفاة ابن عساكر في أواخر القرن السادس الهجري "سنة 571هـ". ويمتد عمقا في فهم التاريخ فلا تستوقفه الأحداث والوقائع وحدها، وإنما يتناول روح التاريخ حين يقدم لنا المادة الأولية الغنية لرصد الحركة الحضارية: دينا وشريعة وثقافة وفكرا.
اعتماده طريقة المحدثين:
كذلك كان وكذلك يجب أن نفهمه وأن ننظر إليه، ومع أهميته هذا الكتاب فإن مؤلفه الحافظ أبا القاسم كان محدثا قبل أن يكون مؤرخا وقد غلب عليه الحديث حيث تعمق فيه معرفة متنا وسندا وطرقا حتى غدا إمام أهل الحديث في زمانه، لذلك فقد سلك في تاريخه هذا نهج المحدثين فهو يبدأ بذكر السند ثم يورد الخبر، وهذا يعني أن بعض القضايا التي تشغل بال المؤرخين ويهتمون بها قد يمر بها عرضا وقد لا يذكرها مطلقا لأنها لا تدخل في دائرة اهتمامه هذا من جهة ومن جهة أخرى فإنه يختلف عن غيره من المؤرخين فهو يبحث عن مادة معينة يريد أن يقرها في ذهن قارئه وهناك قضايا أساسية يفتش عنها، وهذا النهج هو الذي تبعه جميع المحدثين الذين سبقوه وألفوا في تاريخ المدن.
منهجه في التراجم:
وأما التراجم فقد رتبت على حروف الهجاء، وبدأ بمن اسمه أحمد قبل من كان اسمه إبراهيم، واعتبر الحروف في أسماء آبائهم وأجدادهم، وأردف ذلك بمن عرف بكنيته، ولم يقف على حقيقة تسمية ثم بمن ذكر بنسبته وبمن لم يسم في روايته، وأتبعهم بذكر النسوة والإماء والشواعر.
وابن عساكر حين يترجم لمن يترجم لهم من الشاميين أو غيرهم لا يسوغ الترجمة على أنها نتيجة مطالعاته وقراءاته، ولا يصوغها على أنها خلاصة أفكاره واطلاعاته، وإنما يقدم لك مادتها الأولى مسندة في كل جزئية من جزئياتها حتى في الاسم أو الكنية أو يوم الوفاة، وتتعدد صور الخبر بتعدد الأسانيد التي انتهت إليه والروايات التي جاء عليها وقد تتكاثر الأسانيد على خبر واحد في صورة واحدة أو صور متقاربة. إنه يتابع أصحاب الحديث في طريقتهم في الإسناد وكانت تلك هي الطريقة السائدة في كل فروع الثقافة الإسلامية: تثبتا من الخبر وتوخيا للحق فيه ونشدانا للصواب، حتى إذا تتابعت القرون تحلل أصحاب الأخبار الأديبة من ذلك، ثم لحق بهم مؤرخون من المؤرخين أاصحاب التراجم، وبقي ابن عساكر ومن في طبقته يمثلوا ذروة هذا الأسلوب في القرن السادس الهجري، ولهذا فإن كل ما عند ابن عساكر في تاريخه ينشعب في هذين القسمين الكبيرين: الأسانيد والأخبار.
وكان ابن عساكر صاحب منهج فما كان من الأحاديث متفقا مع منهجه جال فيه وصال وأسهب وأطنب، وهذا لا يعني أنه لم يكن موضوعيا فلا يظن أنه التزم المنجهية التزاما دقيقا إذ لم يكن بإمكانه أن يفعل ذلك فهو ينقل أخبارا وأحاديث متعددة الجوانب، وكثيرا ما يكون مضطرا إلى روايتها بتمامها حرصا على سلامة الرواية وتمام الحديث أو الخبر.
أذيال كتاب تاريخ دمشق:
ولكتاب تاريخ دمشق أذيال، منها:
- ذيل ولد المصنف القاسم ولم يكلمه
- ذيل صدر الدين البكري
- ذيل عمر بن الحاجب
- وذيل علم الدين البرزالي
- ذيل أبو يعلى ابن القلانسي
مختصرات كتاب تاريخ دمشق:
ولكتاب تاريخ دمشق مختصرات، منها:
- ما اختصره الإمام أبو شامة عبد الرحمن بن إسماعيل الدمشقي المتوفي سنة 665هـ، وهو نسختان، كبرى في خمسة عشر مجلدا وصغرى.
- مختصرا للقاضي جمال الدين محمد بن مكرم الأنصاري صاحب لسان العرب، نزله في نحو ربعه.
- مختصر للشيخ بدر الدين محمود بن أحمد العيني.
- انتفى منه جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي المتوفى سنة 911هـ، وسماه " تحفة المذكر المنتفى من تاريخ ابن عساكر".
- الذيل على ذيل البرزالي للقاضي تقي الدين أبي بكر بن شهبة.
- منتخب للقاسم بن علي بن عساكر.
- منتخب للصفار.
- انتفى منه أحمد بن عبد الدائم المقدسي كتابا سماه: "فاكهة المجالس وفكاهة المجالس".
- تعليق من تاريخ مدينة دمشق لأحمد بن حجر.
- مختصر لإسماعيل بن محمد الجراح اسمه: "العقد الفاخر بتاريخ ابن عساكر".
- مختصر لأبي الفتح الخطيب.
- تهذيب ابن عساكر لعبد القادر بدران. وقد صدر منه خمسة أجزاء، ثم تابع العمل فيه اأاستاذ أحمد عبيد فطبع منه جزءين: السادس والسابع ينتهي السابع بترجمة عبد الله بن سيار.
المصادر والمراجع:
- ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق، المجلدة الأولى، تحقيق الدكتور صلاح الدين المنجد (مطبوعات المجمع العلمي العربي، دمشق 1951م).
-ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق، المجلدة الثانية، القسم الأول "خطط دمشق"، تحقيق الدكتور صلاح الدين المنجد، (مطبوعات المجمع العلمي العربي، دمشق 1954).
- ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق، المجلدة الأولى، تصدير محمد كرد علي (مطبوعات المجمع العلمي العربي، دمشق 1951م).
- السبكي: طبقات الشافعية الكبرى، تحقيق: د. محمود محمد الطناحي د. عبد الفتاح محمد الحلو
الناشر: هجر للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة: الثانية، 1413هـ.
- الذهبي: سير أعلام النبلاء، تحقيق: مجموعة من المحققين بإشراف الشيخ شعيب الأرناؤوط
الناشر : مؤسسة الرسالة، الطبعة: الثالثة، 1405هـ / 1985 م.
- عمرو بن غرامة العمروي: مقدمة تحقيق كتاب تاريخ دمشق لابن عساكر، الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، عام النشر: 1415هـ / 1995م.