قراءة في ق/ على بيادر الشجن للشاعرة ثريا نبوي
بقلم الشاعرة الناقدة أ. ثناء حاج صالح
لِجُرحِنا الحافي على مَدارجِ الأشواكِ واليَبابْ
في ضوءِ قِنديلٍ ضريرٍ مِن سَنا زيتونةٍ
مَعصورةٍ في ظلِّ أهدابِ الغيابْ؛
جرحنا يسير حافيا على مدارج الأشواك، في ضوء قنديل ضرير ، من سنا زيتونة عصرت على شرف الغياب !
نحن نتعذب بجرحنا الذي نسير به على الأشواك ؟
ولا بد أننا نتعثر في السير على الشوك وفي ضوء قنديل ضرير أعمى ، على الرغم من أن ضوء القنديل مستمد من سنا زيتونة كنا نتوقع أنها لا شرقية ولا غربية يكاد سنا ضوئها يذهب بالأبصار !
فما الذي حدث ليصدر عن تلك الزيتونة المباركة سنا يعمي القناديل ..؟!
إنها زيتونة عصرت على شرف الغياب !
فهي غير حاضرة !
وكل ما يحدث لنا ومعنا يحدث أيضا وأساسا على شرف الغياب !
وتلك هي رسالة الجرح الذي نسير عليه. فلجرحنا رسالة
رِسالةٌ مِن بينِ أرتالِ الرَّغامِ؛ والنَّشيجِ
والشرايينِ التي تَكَفَّلتْ بحُمْرةِ الخِضابْ:
يجتاحُنا حنينُنا.. تُطِلُّ مِن جروحِنا أشواقُنا العِذابْ
فنمتطي الخروجَ عن قُدسيةِ السَّرابْ
ونُشهِرُ الهِجاءْ
لحرفِ بحرِكَ العُبابْ
والموجُ حين يقرأُ البحارَ يصطلي بقُبلةِ الرمالْ
ومَغرِقِ الشموسِ في متاهةِ الفِراقِ والسؤالْ
ودَمعةِ الغروبِ تشتكي تعَنُّتَ الآصالْ
وحُرقَةِ القلوبِ حينَ يُغلَقُ الكتابْ
***
تخاطب الشاعرة الجرح
يا جُرحَنا الرَّحَّالْ
- مِن شاطئٍ لشاطئٍ- والمِلحُ في جَفنيْهِ حيٌّ لم يَذُبْ
الجَزْرُ فيكَ للرِّضا والمَدُّ فيكَ للغضبْ
أحلامُنا منشورةٌ على صَوارٍ مِن صَخَبْ
وأنتَ سِفرُ الِاغتِرابْ
***
وتخاطب صرخة الميلاد
يا صرخةَ الميلادِ يبتدي بها شهْقاتِهِ الوليدْ
***
وتخاطب صحراءنا المدللة التي هي خارج المساءلة
صحراءَنا المُدلَّلةْ
يا خارِجَ المُساءلةْ
لتقول : آه
آهٍ .. وألْفٌ مثلُها بين الرمالِ ماثِلةْ
في الليلِ تمضي القافلةْ
والريحُ تعوي في انتظارِ الزلزلَةْ
تجتثُّ مِن خيامِنا الأوتادَ واليقينْ
لكننا نحدوكَ واقفينَ عند جَبهةِ العرينْ
على دمٍ مُسَهَّدٍ مُريدْ
ينضو ارتعاشةَ الوريدْ
ويلبَسُ الرَّدَى مُطرَّزًا بوردةِ ابتسامةِ الشهيدْ
***
والخطاب والعتاب في النهاية يعودان على الوطن
أشْمَتَّ فيَّ عاذِلي
والحُبُّ فيكَ قاتلي
والشوقُ باتَ نادِلي
يُهدي سُلافاتِ العَذابْ
متى تعودُ يا وطنْ
؟؟
هكذا تصرفتُ في قراءتها وتوقفت عند عودة الوطن لتكون عودته مفتوحة وغير محددة بسمر أو قمر، فتتلاءم مع مستوى (الغياب )الذي عصرت على شرفه الزيتونة ،
تلك التي استمد القنديل الضرير سناها لنسير بجرحنا في ضوئه.
والمَحبة الخالصة للمبدعة الشاعرة أ. ثريا نبوي
:
القصيدة تَمَّ إدراجُها في كتاب"الحديث والشجن"
لمؤلّفِهِ الأمازيغيّ المغربيّ أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية "حسن أَوريد" ،
وقد أُودِعت نُسخةٌ منه في "خزانة التراث العربي" ، وأُخرى في مكتبة إحدى الجامعات البريطانية