موسوعة أحمد العربي

أيلول لا تحزن
.............

أربّت على كتف أيلول فترحل الشمس ازدراءا ازدراءً
ويعلو خرير الماء ترياقا للصامتين العابثين بأوداج الخيال
ماذا يفيدك أن تهتك عتمة الليل الأصمّ بفجر حلمك؟
ماذا يضيرك أن تكون الشمس على مقاس الأرض أو يكون الظل مقاس أخيك؟
لا تنظر إلي أنا المنبعث من ترهات الكون والأعراب
أنا والملح صنوان فلا تكتحل عيناك بي..
فإن فعلت ومسحت وجنات الغياب ..
تضرجني الدماء من وجع الحكاية وخاصرة السماء التي تنز من فجيعة الموتى
لا تقف عند حدودي..قد تهصرك الريح ..يمسخك الطغاة ..أيا تكون
لا ترتدي جلدي
..
أيلول خديعة أخرى على أبواب الخريف
وعمرك أصفر تسّاقط أوراقه مثل الحروف
اقتلع عيني حتى لا أرى تقلب وجهك في السماء
تبحث عن قمر يأخذك على بساط الريح
توردت أحلامك في نبيذ الوقت..وانطفأ الظلام
أيها الباحث عني في كلتا يديك ..هل ترى وجه سدوم
هل ترى وجهي المخبّأ في أمهات المدائن ..في الحقول
في كل سنبلة تحولت رغيفا للجياع
..........
إبليس ما باع قضيته الكأداء يرفعها في وجه الإله
والعرب باعوا حتى حرائرهم لبني صهيون
يأتي أيلول مضرجا بدم كالصبح حين ينبلج من كبد الظلام
أقول ..أيلول لا تحزن ..
والحزن عناقيد مدلاة من عنق السماء
أيلول لا تحزن ..
ويضحك صحكة صفراء ثم ينوء من وجع
ويمضي في ازدراء
يحمل هامات الجبال حزنا ووجيعة ثم يطفق من ضجر ابتسامة بلهاء
أيلول ..أنظرنا نحمل حقائب ترحالنا إلى مدينة أخرى بصمت
وسأقول أيلول لا تنتظر فغيومك مثل أعراب الخيانة كلها عقم ولن تلد الحياة
لن أزرع قمح آلامي
حتى نارك لن تنضج خبز أطفال تمرغوا في وحل الحدود..والوعود
ولا ماؤك يغسل أدران الخديعة من أخوة في الدم
سنحمل أوجاعنا حتى يمضي ذياك الخريف المر
سنحمل حقائب انكسارات وصورة الوطن الجريح
سننتظر الربيع

شقائق النعمان
...............
ذات أمل
يقول الصباح
تعالي نغيّر ظل الأرض
تعالي نعيد دورة الماء للحقول
تعالي
.......
ذات صباح
هي الأطيار ما عادت تبني أعشاشا جديدة
شيء ما يشبه تحديد النسل
لأن الحب ما عاد يعنيها
ما عادت الموسيقى سر أمانيها
لا شقشقة
لا سقسقة
لا هديل
ولا يمام
................
ذات حرب
بساطير الجنود
شهيق الخوف
السنابل ترتعد
النهر يغير مجراه
ولا أحد ..سوى الرصاص
والقتلى
..........
ذات مساء
تعتكف الشمس في كهف عزلتها
الأرصاد الجوية تقول
أن الغيوم غيرت مسارها
وأن بلاد الشام صارت مرتعا للخوف
.............
في صباح آخر
تفتحت شقائق النعمان
والمشاهد لم تنتهِ

شتاء آخر
...............
أي ناديا
ماذا وراء البحر
أحلامنا نبتت على رمال الأرض
يغذيها الفرات بنسغ حياة
أي ناديا
ينام البحر على زندك
وانت تجيدين نسج الحكايا حتى ينام
لا ترسمي روحك على رمل الشواطىء الشواطئ
حتى لا يحلم الصيادون بأكثر من قمر
..........
يتراءى لي البحر على بعد سماء
مدارات ترتسم حول شفتيك
والأفق سرمدي
والبحر ذات البحر
يشبه العاشقين تماما
يومىء للنخلات الجاثيات على بعد هوى
ألا تخفن
فالموج لا يأكل الشطآن حين يناغيها
...........
اي ناديا
لا تكتحلي بالملح
لأن الإثمد العربي كاد يفقد لونه
ولأن قمح الجزيرة لم ينضح ينضج؟ هذا العام
فتشرين هذا كفيل بدورة القمح والحياة
.........
أطبقي جفنيك ..ناديا
واذكريني
ربما أحب ذلك الليلك
لكن هذا البحر لا يؤمن بالياسمين
والمطر
والليلك
أي ناديا
أطبقي جفنيك
دثريني
فقد اقترب شتاء آخر
والأيام عراء

ويغتسل وجه المساء
..............
وبتُّ أحاصر الليل وحدي
ووحدك أنت ترضعين الوقت حليب المقل
...وحدي ازرع الوقت بعاثر الخطوات
وانت ما زلت صفصافة نهر
......
أقارع الليل وحدي
أمزق أستار الضجر
وأنت على بعد أغنية
ترفعين أشرعة الصباح
ترتقين ما تناثر من جدائل شمسك
وتواسين البحر ببرد ثغر
......
كم كنت تربتين على أكتاف المساء
تمشطين ضفائر الليل برمش العيون
وتحكين لي حكايات طروادة
حتى لا أكون طريدا في عتمة عمر
...................
سلمى
ما زال الوقت عصيا على الذوبان
وأنت ملح البحر
وأنا أتلمظ جمر الليالي
وحدي  أعد أصابع حزني وليلي
......
سلمى
كلن كان الحلم ليليا
وكان الليل جاسوسا على الطرقات
تكسرت المرايا ..والنجوم
والأحلام
لملميني سلمى
كما كنت تعبئين نثار القصائد
في سلال وردك
أنا لا أجيد الحلم
والترهات
أخفقت في انتزاع أغانيك من فم الليل
وبات القمح مقهورا
والسنابل ذابلات
وبات الحزن مخمورا كما الطرقات
وبتّ محاصِرا ليلي
وأنت حارسه الوفي
..
سلمى
تعالي
نزرع الأحلام لتبت لِتُنبِتَ قمحا جديدا
وشقائق
فالخريف راح
واغتسل وجه المساء
من ثغر السماء

فصل اللوز لا يأتي
............
سلمى أحاديث سمر
تألق نسيم حين المساء
ذات عطر كانت تتأرجح الشمس على جدائلها
ولعينيها كانت تئط السماء
وتشهد بيادر القمح أن رغيف الخبز من تنورها يشبه الدراق
......
بعد عصف
وصيف قائظ الذكرى
ومطر لا نشتهيه
وملح يلوح بلا منديل
صرنا شظايا
مثل الغيم الشارد
بقايا مطر نازف
يوم تفتّح للصبار عيون
تبكي الملسوع بوخزة صيف
.......
تشتد الريح على المعنى
والمعنى ضمير مستترفي الغياب
ترنّح روحي ذات ضباب
وأنت تجرين مثل الريح وتنأي بعيدا ..بعيدا في السراب
وتسوقين الريح
هكذا تدّعين
أيتها المتعثرة في الظل تكرارا
خطواتك اللاهثة تنوء تحت وطء الظل وأنت تغرقين في صمت الصحاري مثل لهاة
لن تكون مرساة لناجٍ عند هبوب الليل
والليل تكرار لذات الظل

...
الظل يحبو كمثل اضطرابات الرؤى
وأنت تتكسر كالمرآة بلا وجع
تحتاجك الأرض ملجأ كي لا تموت
ولا تحيا
والأرض ماء في السراة
أيها المسكون صفصافا ونثار أعناب
ولوز
كيف تنأى بك الذكرى
وأنت مثل حكايا الرمل
ذات معركة
بلا جند
ولا سيف لتحمله
أو تهش به على قطيع الظل
لست مرساة لقاطرة المدن الموغلة في الإياب
ولست نبراسا لشوقي وقافلة التشرد
كي تعود
...
سلمى لماذا تشبهين الظل
هل لأن فصل اللوز لا يأتي في الغياب
........................

الأسير
..............
اي ظلمات تغطي القلب الداكن يا ناديا .
تتأرجحين مثل السحاب على حبال السماء ..
وتنزوين بعيدا في كهوف الدروب المضمحلة
......
ناديا
لا تتركيني وحيدا في العناء ..وفي الغياب
لا تتركيني كجذع شجرة بترها الحطاب ثم تدثر بالدماء
لست خرافيا مثل شمس
او مثل كهف بارد في فصل الزعاف
...
مرري كفك هاهنا
حيث يخفق القلب
وحيث يتفتق الخوف ضراما
لست هشيما ..ناديا
كوني نهرا ينبت من رأس الجبل
كوني غيثا مدلهما في ساعة سحر
............
لا تغيبي مثل شمس يوم بارد
لا تحملي حطبا
ولا تترنمي باغنيات موتي
ناديا
دثريني بظلك
او اطلقيني للسحاب

سليمان عاد من جديد
.............
اي روح تستعر .. ..كل البقايا محطمة ..
وكل الخطايا تئز على الزناد
تزن مثل ذبابة حمقاء
ضلت طريقها
لانها حاولت ان تتشبه بالنحل
وانت هناك
ترمقين العابرين
كلهم مثخنون من الامل
من الوعود التي لم تصدق
ولم تزهر الاشجار كما قالت العرافات
..
كل البقايا محطمة
مثل جماجم الجنود القتلى
هناك على البيادر الصفراء
..
انت الوحيد القادر على الذوبان حينا
وحينا على التشظي والانتثار
لست شعاع ضوء
ولا تملك مخالب ذئب بري
لتهاجم من جاؤوا هنا
من اختبؤوا في زي الرعاة والحصادين
..
انت تائه مثلي
تعد اصابع الشمس كي تنام
يمر شريط ذكراك مثل قافلة
فقدت زوادة الطريق
لا تملك حتى الظل لتتتفيء
لا تملك سوى الظلام والاسى
وحكايات الموت على الطرقات
.....
دم
كل ما هنالك دم
ينز من كل حكاياك
وحكايات القبيلة
التي باعتك
وادعت ان عطارد ما عاد يقابل الشمس في مدارات الرحيل
واقسمت كل القبائل في الطريق
ان سليمان هنا
بنا هيكله مرة اخرى
وانه شيد المسجد الاموى
وجامع الزيتونة
وبيمارستان حلب
..
واقسموا
ان نبوخذ نصر مصلوب على قاسيون
وعلى كل بوابات المدن
وان
دانيال يشرب نخب انتصاراته
في ظل قورش

عمت صباحا ..ناديا
أخبريني :
كيف يستفيق الحلم
تنهض العصافير قبل انبلاج الصباح
ويغني الحصادون ذات الاغنية على ذات الطريق
وأنت ما زلت تنشرين احلامك البيضاء على شعاع الشمس
لن تجف الاحلام ..ناديا
لن تجف
..........
ناديا
لا تذرفي النهر
ولا تعدي الخطوات الموصلة نحو الافق
فالافق سراب
ولا شيء الاك حيث الشاطىء الكحلي
........
لا تقفي بعيدا على جدار السرو
هل تعلمين كم يشتاقك الصفصاف ..عطر الزيزفون ووجه القمر

ما هي الا لحظات
ويسل المساء سيفه من غمد الظلام
تمسكي بالحقيقة ..ناديا
بلقيس لم تعد هنا
باتت اسراب خيال
............
الطقس بارد ..ناديا
وعباءة الحلم لا تكفي
لهاث النهر يؤرقني ..يؤلمني
والغيم يرسم لوحات انتظار
على مقعد العمر البعيد
ما زلت انتظر فيء الحضور
......

ناديا ..هل انت بخير
سأدير ظهري لهذا البحر
وللاغنيات
وللعصافير المسافرة
لكن لن ابيع وطنا ..برغيف خبز
سانتظر الغيوم الممطرات
وقوس قزح
وضحكة الاطفال اذا عادوا
من المنافي
ومعسكرات اللجوء
عمي صباحا ناديا
عمي مساء يا حبيبتي

وطنك حذاؤك
...
تداركني الشوق
والشوق انتظار العائدين
المنتثرين على الطرقات وفي خيام الجوع
أنّى تكونين يسبقك التياع ..والذكرى امتداد الحالمين رغم نزق المسافة بيني وبيني
وأنت جرح غائر في اللازمان
صبي جراحك على دمي فيزهر عباد شمس قبل موسمه
يقول نيسان هذا العام لم تشرق ضحى العرب مذ هربت الشمس مع الصقيع
وأين تكونين في بعثرة الألوان في اللا مكان
لا حدود تضمك كي لا تغتالك النسمات
قحط كل هذا العالم المصبوغ بالشره الملون ..جشع مقيم
وأنت بوابة الشمس الجديدة
,,,,
جشع مقيم
وأنت خيالات ظل
تطوف بك الأحلام ..والرايات منكسات رؤوسهن
علّها الأشياء تحكي
الجبال ..الوديان .الأشجار ..والظلال ..وظلال الظل
علها الأشياء تشبهك
أو تشبه وجع الرحلة الأخرى
أو تكاد ترسم لوحة على الأفق الهزيل
..
لا وجه لك وأنت من رحلة إلى وجهة أخرى
بلا عنوان ..بلا قنديل لترى طيف أحلامك
وطن يصفعك باأف حكاية
يرجمك حتى بظلك
وطن للعابثين
تلك رايات الملوك
أنت بلا وطن فلا تحتج
ولا تروي حكاياك للماء المسافر عبر شروخ الأرض
أو تجاعيد حزنك
إذا
وطنك حذاءك
أينما ارتحلت تحمله
وتمضي بعيدا في الغياب

كي لا تموت الذاكرة
...............
في الذاكرة يعشش ألف صمت
ولا ترتوين
ما زال نهدك عالقا في اللازمان
واللا وطن
وأنت ترتحلين
يزداد نزق المسافة بيني وبينك
وبين النهر الذي يحلم بانسكاب الدمع فيه
وبانسكاب الصمت
وأنت تعششين في القلب الكسير
....
من أنتِ؟
والصفحات مثل الوطن الجريح
لا تتسع لكل ما قلت
ولا لما لم تقولي
أنت محض التياعنا الممتد عبر الجزر المتلاشية
عبر الدروب التي انسدت آفاقها كالأمل المحطم بين اشجار الكستناء الباذخة
وبين انكسار الغائبين
..
بعض وقت
امنحيني اياه
بعض وقت
لاشم رائحة العبق التراب .الدم
امنحيني بعض همس
بعض نسمة من هذا الهواء
لتعلق الذكرى في دمي
ثم ..لنرتحل
فالمكان لا يتسع لنا ..وللركام
امنحيني سطرا
او بعض قصيدة ..وهواء
كي لا تموت الذاكرة

خلف البحر
.......
خلف هذا البحر
خوابِ من الفخار
وكمثرى وبعض غيم
وألواح مكسرة وأحلام
وبقايا حكايات ..وخيل محطمة
وشعب تائه بين الموت والخوف العضال
......
خلف هذا البحر
بركان من الخيبات
بركان من الزلات
وكل ما فيك من موج
تخبئه آلاف أحلام
وصور لمن رحلوا
وآلام مكدسة
وقبر واحد للامنيات
.....
خلف هذا البحر بحر زائف
ونوارس تغتال طفولتها
وفراغ قاتم لا يتسع حتى للشوك والحزن والرمل
خلف هذا البحر بحر تائه
يخفي وجهه خجلا
من نسيم قد مر ببادية الشام
ذات وجع ممض وارتحل
.............
خلف هذا البحر
نادٍ
وشطرنج
وقافية يسكبون الحزن فيها
وجرار يخبئون فيها الدمع
حتى لا يفزع الملح
وادٍ يزرعون فيه الخوف
تنمو طحالب السواد
وآثار اقدام
ومجرى لانسكاب الهم فيه
ولا أحد كي نوزع الصمت علينا
والنحيب

من ينتحل الظلام
........

بعيدا بعيدا في الضجيج
وفي الدخان..في شوارع المدن القتيلة
في موجة بحر بلا شواطىء
اتهجى وجهك كسكون شمس
يحفر وجهي قمر خامد
بركة وحل على طول المدى
والطريق يزحف نحوي ولا نصل
انا على ضفة شوق
والطريق صفصاف مقدد
....
انزع الرايات عني
فتسقط الاحزاب
والرايات
والقلائد
جيدك كوجه القمر
وانت راغبة بالزيد
من سماك سلمى
لنحترق
والوقت لهاث الامنيات
.........
وأحبني
كيف أغرق في عبث انتظار
وأحبني
لأنك تشبهني تماما
وانا أشبه مدنا من ضياع
....
انا وانت فراغ جامح
فمن ينتشل الفراغ
كلانا مثل ضوء منطفىء
فمن يا ترى ينتحل الظلام
.....
كلانا تائه في اللا مكان
واللازمان
نغترف الوقت السقام
لن ننحني للريح ..لا
لن نركب البحر هروبا
لن ننحني
باسم السلام

حصار الوقت
.............
يقول المطر
كلما حاولت ان تقولني
تدور الزوايا
تمّحي الاسماء
وادور عبرك في الفضاء
مثل يمامة
مثل فراشة حمقاء
تطير نحو الضوء كي ترتمي في حضن يبابها الاخير
مثل كوكب يحوم بلا ارادته حول نجم لاذع ليذوب
وانا اذوب في حومة العشق المؤبد
فهل تدرك الاشياء لوعتها
ام نحن مل طفلين نلتقي كي نبكي ..ونلهو
ثم نكبر حتى الحصاد
.............
تقول ذوائب الشيب
كم كبرنا
حتى ترهل الوقت
ولم ندرك ان الاقمار ما زالت تدور
وبنا دوامة العشق تدور
كم كبرنا يا صديقة
والليلك المجنون ما زال يغني للعصافير الطريدة
نحسب الايام على اصابعنا
يدركنا النعاس
ولا نأبه للظلام
ولا للمطر
..
كبيسة مرت تلك العجاف من السنون
ونحن آخر من تبقى
ليلكة في الجوار
ونسائم
وباقات عطر ما زالت تنز فؤادها
لتهصرها
ونبقى في انتظار الوقت
..
وحيدة انت
وانا تائه
فهل سيجمعنا الحصار
ما زال الوقت يحاصرنا
وما زلنا نقتات بعض ذكريات
فمتى تسكت حمقاء الليالي
متى
نمل الانتظار

ساذجة أنت
......
وحيدة أنت ..
وتائهة
وربما ساذجة جدا
ان فكرت ان القمح قد ينمو على لوح من القرميد
وساذجة جدا
ان فككرت ان الحب رصاص قاتل
وان القمح يكفي كي يطفىء ظمأ المشتاقين
....
تائهة انت
ان سرت عكس طريق النهر
وان فكرت ان الاشجار تخلق للظل
ولهو العابثين
..
ان الحب يا حبيبتي
لا يأبه بمن لا يتقن فن الموت
وفن الصحو
وارتعاشات الدوار
..ز
ساذجة انت
مثل اغاني الفلاحين
ومثل طرق الليل المهترئة من اقدام العشاق
ومثل البرد
ومثل كل اماني الصبية
ومثل الماء
....
وانت مثل جبال الاحلام
باردة
مثل ليالي الثلج البيضاء
مثل غيوم ترفض ان تساقط مطر
والحقول ستبقى عطشى
كالفقراء

رسالة البحر الأولى
.........
هنا
في ذات الشرق
سقطت كل الممالك
هنا اقتيدت زنوبيا عبر صحراء حزنها الكامد
هنا
في بادية الشآم
اختلط الدم بالرمل
فامتلأت الصحراء بالكباث
وكانت ألف زنوبيا
من هنا نبت على دمنا كل فرع للحياة
وكنت أنت الشاهد الاول
مثل بلقيس
وشجر الدر
وكليوبترا
كنت انت الملحمة
من قبل ذي قار بآلاف الزهر
كنت الياسمين والخزامى
وعطر الرمل والصحراء
ورسالة البحر الاولى
من شواطىء انطاكية
وحتى ظنجة او عدن
انت رحلتي الكبرى
وعصير افكاري
ومهد الارض
غيوم السماء
................
كوني هنا
الشاهد الاوحد
حيث يكتب البحرقصتنا
كما الرمل على شواطىء الاحزان
عيناك هنا
رأيتهما
هدبين مثل خمائل الليلك
زمردتين كنجمتين عالقتين في قوس السماء
قولي
أحبك
لتتكسر الامواج عند ميناء العيون
قولي احبك
كي تمطر الغيمات
وتمتلىء السنابل
فتوقدي التنور
لاجل كل الجائعين
ليزهر النخل
آلافا من القصائد الحرّى
يستسقي أحرفها
كل الظامئين

على سفح الذاكرة
.............
على سفحها
ذاكرتي التي كادت تضيع
مثل أوراق النزيف
كل خريف وأنت بخير
كل خريف وأنت رئتي المتجهة نحو الضباب
...
تعفنت كل الاماني
وصارت الاحلام نقش حناء على زند الهواء
أنت ثورة الصمت...
وأنا أغنية تذروها الريح على سفح ماء
كيف مررت اليوم بالقرب مني
ولم أر طيفك
كيف حملتك الغيوم ولم تمطر
كان الرعد مثيرا للحنق
لم يكن البرد قارسا
لكن الوحل يملأ الرؤوس المحتقنة بالفراغ
.........
يزلزلني عبور الوقت
كنهر قاس أعرج دفاق
وأنت مثل الظل
ترقبين الغياب
ما زلت في ظلام العمر
تنتظرين ما قد لا يأتي
تدمدمين بآيات الفرج
تحملين سبحة العذاب
ودموعك الحرى مطر من الاوجاع
...
انت في غياهب الظل
والظل لا يرعوي في لا مبالاة طويلة
وأنت كما انت ترفئين ثقوب الوقت بإبر الصبر العنيد
...
بيني وبينك سحائب عمر
وحلم
وشوق طريد
بيني وبينك حكايا البيادر
وقصة عشق
ولحن شريد
,,
وبيني وبينك آه كعمر السواقي
وعمر السنابل
وريح عنيدة
...
تلوحين لي بمنديل قلبك
فيصهل جواد الحب
ثم تنسحبين
في أي ذكرى تبوحين بحبك
وأي فراغ يعتري الطريق الواصل بيننا
واي سماء تسجل ما جرى
في فراغ الوقت
اتهجى ظلك
وانت ليلة الحزن والهديل

عندما تذبل الظلال
...........
وصلت أخيرا إليك
يملؤني الطريق حتى الظمأ
الطريق باهت وقت الظهيرة
والخطا ثملى
قالوا أنه وقت الحصاد
لكن
لا سنابل في الأفق
ولا بيادر تحتفل
وتمد سجادها الأحمر
للقادمين
للكادحين
فقط
جاء جباة الضرائب
الأكف تصفر
جروحها الغضة أتعبها اليباس
ولا مجير
....
بماذا تفكر الآن
أنت محني الظهر
أنهكك ذات الوجع
والفراق
ربما الإفلاس أقعدك مضاجع القدر
تفكر باليباس
القحط على بعد سرّة من نهار
والقمح لم يزل خبيئة الأرض
تروّض حصانك الموهوم
والبيادر فقدت ذاكرتها
والظل لم يعد ذلك الظل الدفيء
...
هل تفكر في الرحيل
بلى
لكن إلى أين؟
تظل وجهتك العبث
وأنت ربيب حقدك
موتك
والفراغ
......
على ذات ظلك تنمو
طحالب الوقت السقيم
المدينة تتسع
تمتزج فيك
تزداد الضحايا
كالطحالب
دهان الوقت يزداد سوادا
الليل يتسع
والخيول لم تأتِ
لن تأتي يا صديقي
في صحراء العروبة
لا تنمو إلا الظلال
وعلى مرافئها الطحالب
وتذبل كل ظلالك
والنهار
..........

ويعبرني السؤال
...

يقولون عنك ..غجرية
بدائية في الحب
وإن الحكايا الجميلة قد استعمرتك
وإن داء القبيلة يسكن فيك
وإن ..وإن
كل الصبايا
وكل ثرثرات الطفولة
وضفائر شعرك
وصوت الربابة
والرقصات الطويلة
تراث ذويك
قد استنهضك
فمال الجميلة تذرف عشقا
مثل الخميلة
في عيد الطفولة
....
ويعبرني السؤال
من أنت؟
وكيف تسير الجبال
بلا حب
بلا عطف
وقافية وصورة
وعند صورتك تتوقف الاشياء
الماء والرمل
والطير والغيم
ويعبرني السؤال
.....
وأنت شطر نبضي
نصفي الاول
انت الحكاية والبداية
وكل ملاذ احلامي
وكل دروبي
وطعمي اللاذع
وغيمي الماطر
وأنت قصيدتي الاغلى
وكل كلامي الذي قيل
وما لم يقال
....
نديّ طيف حلمك
ندي ذاك النزق النازف من اعماق وردك
كيف تجف ابتسامك على ثغر الكلمات
وشفاهك تتبيس من حيرة الاغنيات المارة
كربيع قادم
ذات ليل كنت اتوسد كل ذاك الكم من الامنيات
وانت بعيدة ..بعيدة
خلف الاف الامواج الصريعة
وراء الافق كانت تتراءى لي رسائلك
مثل رهام
...

جدتي كانت تقول
...
الموت مرّ من هنا
كمثل كل عام
يأتي خلسة ويروح
وتستمر كل المواسم
المطر
الحصاد
عودة الأغنام إلى البيوت
والصيف ..والخريف
لا شيء يختلف
...
جدتي قالت
أن الربيع يمر كل عام
قد يجف ماء الينبوع في حقولنا
لكنها الأزهار تضوع عطرها
والأشجار تورق
وأن شجرة التوت قد زرعها جدي في يوم ثلج
قبل أن يسافر بقمحه إلى بيروت
ومن يومها ما عاد جدي
لكن شجرة التوت ما زالت تعطي أكلها للحاضرين
وفيئها لكل من قرأ السلام ها هنا
....
جدتي كانت تقول أنها تحبه
قالت أنها تحبه كثيرا
وقالت أنها تكرهه
لأنه لم يودعها
ولم يعد
...
صار جدي في ناظريها مثل تمثال حجر
تمسح دموعها بمنديل أهداها إياه ذات مساء
خلسة منحها منديل أمه
وتفصد جبينه عرقا ..
ربما خجلا
لكنها بعد أن تمسح الذكرى بمنديله
قالت أنه كان ربيع عمرها
وأنها تحبه
وأنه أحضرهدية عرسها من بيروت
واهداها مزهرية مقدسية
وزجاجة عطر من دمشق
..
قالت إنها تحبه
لأنه منحها كل المدن
وإنها تحبه
لأنه بنى لها تنورها
الذي ما زال يمنح الفلاحين خبزه
وأنه ما زال يجيء كل حلم
لقبل جبينها
وأنه
وأنها
وزار الموت جدتي
لأنها
ولأنها

وجهك قبلة أخرى
...
هل تلج الكلمة كمائن شوقها
اذا كيف يجتاح الظلام صدر القصيدة
ومراكب الشوق تبتاع البن في مرافىء اللا وعي
يا صديقتي كل شيء بمقدار
الرصيف بات مقنعا تماما لان نتسول الكلمات
كلمات الحب والنارنج
نتبادل في الحواري نبض اشرعة كادت تذوب
ونحن الغارقون
نحسبها لذة الصمت
ابتغاء اغنية خجولة
كنا نجمعها على البيادر
...
نعم
ما زلت اشتاقك
اشتاق وجهك والرصيف
وعشق البيادر
والسنابل
قهقهة الماء
لحن الغروب
وعزوف يديك عن الرحيل
...
نعم
اشتاقك
وجهي طريح الغرام
وأنت كما قلت يوما
لؤلؤة الوطن
والوطن مطارات اشتياق
مطارات للسنونوات التي تسبح ها هنا
في كل قلبي
ومساحات الياسمين
المضرجة بحمرة خدك
والمساء
..
الوطن مطارات اشتياق
وأنا العائد من ترداد ذات
مهرجانات العائدين
هاهنا ترسم ضفائر شمس
ووجهك خارطة الحب
وقبلة لكل الطيور
وانا لحن اشتياق

لا تتمسكي بالخيال
فالعبير ليس نجوى
والوهج احتراق
قالت أنا الظل
والظل مداخل المدن
والجبال تبني طريقها عبر الافق
والافق اختلاج
تحاورني نفسها
انت الخيال
انا مد نظر
ومروج سندسية
وعطر ازهار ونخل
...
لا تتمسكي بالخيال قالت
ثم مضت في وجوم
الرسم من صنع البشر
وانا والبحر صنوان
فأين الطريق
مناديل تلوح بالدموع
لا سفائن في الافق
والبحر
البحر انت
والظل انت
وترياق المسافر

عمت مساءً يا حبيبتي
....
وقالت :
ربما تساقط الكلمات
مثل رهام صيف
أو ربما لا تجد دروبا للوصول
قالت :
كيف الوصال اذا
في معبر للصيف
ربما تتيبس الاشواق
وبذارها لا ينمو
اشتياقا للمطر
في معبر الشوق الوحيد
ترتكم الكلمات
مثل جليد تصلب اوقاتا طوالا
ربما لا ندرك معنىً للمطر
واشواقنا ما زالت تنز شوقها الطاغي
فإلام السؤال
...
يعبرني الشوق طريدا
ازقة الاحلام مفتوحة على المدى
شبابيكها تشبه أعراس المساء
هل يكتب الورد قصيدته
اذا هب النسيم
...
أتراك تعدين مواكب اشواقي
ام ترقبين سفائن الوقت البعيدة
البحر ذات البحر
والرحلة تختلف
تكاد تشبه المرافىء
والصوت طليق
...
ذاتها هي
خارطة الحلم
الليل سياف
فكيف نسجل آخر اللقطات
المشاهد تترى
تشبه مسرحية حمقاء
جمهورها الظل
والاشجار
وطير عنيد
...
ماذا تفعلين الان
سخائب الحب تشبه سباخ الملح
هذا الليل لا يناسبني
وإني احب الليل
..
هذا الليل لا يناسبني
ومساحة الحوار الضئيلة
كادت تذوب
هل تحبينني
يلح السؤال
والمطر على بعد سؤال
لحظة اخرى
تتوقف كل الكلمات عند السؤال
وتتوقف عن السؤال
...
أنت من؟
هواجس الورد تنتابني
ارتعش مثل ظلك
خطوات الليل تتعثر عند كل مفترق
وأنت وانا نكاد نشبه الظل
..
مجنونة هي اللحظات
تشبهنا
لكن الفارق الوحيد
اننا لا ندرك اننا نشبه الليل
عمت مساء يا حبيبتي

الدم يغتال الطريق
..........
وتسألني :
هل ذاتها الصحراء لمّت شملنا
على ذات الرمل ولدنا
كنا نلاحق الفراشات
والعبث
وكنا نرسم خارطة المدن
كالنقش كنت على زند الطريق
..
وأشتاقك
يرسمني الحزن بعيدا
حيث السديم
ومغاور الشوق الخفية
لماذا لا تأتين
والبعد عناد
يشبه الطريق نحو الهاوية
..
عنيدة أنت
تشبهين الرمل في مفارق الطرق
والصحراء تنشر حكاياها
وتنفث صبرها اللاذع
ربما حزنا
بل ربما شوقا
وانت تدمدين ملامح قصيدتك الجديدة
...
فاغر حزني
واشتياقي يشبه إمطار الربيع
لماذا لا تأتين؟
تقولين انك هنا
لكن اين؟
انا فقط اشعر بالطريق
الثعالب تنتشر في المفارق
والذئاب تحصد ضحاياها التي تاهت
والبحر بعيد
نحن بلا مرافىء
والسفن استقالت
والانتظار يطرح ثماره العجفاء
...
لا ظل لك
لا ظل لي
والحكايا تتناثر كالشظايا
والدم يغتال الطريق

احلام تنبت على الرخام
...
يقودني وجهك نحو الشغف
الحبل قصير
والبئر غائرة في العمق
لا احد الاك ينجد الحلم
تسبقني اليك عصافير اشتياق
أين الحلم؟
تصلبت الأرصفة
ونبذت ذاتها الطرقات
واتخذت مكانا قصيا
كي ارى النجوم
واجمات هي
بعدد أشرعة المساء
..
من أنت؟
وتقتربين
كنسائم ما قبل المغيب
تشبهين قطعا من الليل
وزهرات بطعم الفجر
من أنت؟
ويغمرني السؤال
..
لم تتسائلين
وانت على بعد حلم
وقيد
يسبقك الليل إلي
وانتظر
رطبة شفاه المساء
والعناب على بعد قبلة
وانتظر
يغمرني الليل مثل وسائد البلور
وينبت حلمك في الرخام
..
الرخام بارد جدا
وانت تضحكين
تشبهين قطعا من الليل
من أين تأتي رائحة البارود
الشظايا
ونيران تتقد

عندما يشهق الماء
......
مثل أول عصفور سقط في بركة الحلم
كنت ألتمس لك عذرا
مرة للحضور
ومرة للغياب
لكن كنتِ كلما تحضرين
تأتي أسراب من الحجل
والليلك والليمون
كي يشهق الماء عند اول رؤية للهلال
,,,,
تُرى هل سقطت القصيدة
في أجاج الحب
ما زال النبع ثجاجا
والورد يشهد أن الربيع كان هنا
وان الروابي فرشت سندسها
والماء قد سجد
..
هل هي رحلة المشتاق يا حبيبتي
أو زينة المطر
التي هيجت اعناق السنابل
من مرّ من هنا
لتشهد الأحجار
والرمل ..والدراق