موسوعة أحمد العربي

طعم يشبه اللاشئ
تحت هدير الكلام
تدلت عناقيد الوقت لتترع الساعات صمتها الكئيب
لم يبق في الحقول وعلى حافتي الماء سوى الصدى
أنت كنت هنا
تلاحقك القبرات باسمة
تحتفي برنين سوارك والخزامى التي ما تزال ترتوي بالوميض
لتشرق شمس أحلامك بعدما اغتالتها عقارب حزنك
....
في انتظار الشفق الأخير
كانت صورتك تلتمع صوب الأفق
حيث كانت أسنان الصمت تصطك خوفا من ضجيج غير محمود العواقب
الناعورة الساهمة كان أنينها موجعا على خفقان النهر
والنهر ما يزال يعض على شفتيه
خيفة انطلاق الآهات كيلا يسمعها المارة في ساحة العاصي
والعاصي يترنج كسكير في طرقات البرد اللاذع
...
أيتها الأنا ..الأنت توقفي
ما زالت الطرقات تلتقم الحب
لكن بطعم باهت يشبه اللاشيء
والذوبان

كأنه صهيل يأس
لم يعد يشبعنا صوت الهديل
صراخ الأنين
وكل لهاث الذكريات
كأن الأشجار رحلت عن جذورها
والماء ما عاد يروي الظمأ
....
لم يعد يؤرقنا الانهزام ولا الانكسار
في بحر متلاطم من الكلام الغث
لم تعد تذهلنا قطارات الخيانة والتصفيق
في عالم عربي يضج بالموبقات
ويصهل بالأكاذيب الكثيرة
...
لم نعد نرى الماء ماءا
لم نعد كما كنا
فماعاد النيل نيلا
ولا الفرات
..
طالما كنت أسائل النخيل عن الحب
وعن غيابات السنونو
..
والآن أراه انطفأ النخيل
والسنونوات في غياب

لم ضاعت نكهة الماء
...
عندما ألتقيك
تعجز الكلمات
تتسلل خصائل الشِّعر بعيد
تبدل الطرقات وجهتها
ويفتر ثغر الماء
,,,
لا أذكر حينها وجهة الريح
ولا لون النسائم
ولا نكهة الموسيقى البابلية
ولا صفير القصب في حضرة البساتين
,,,
ما يزال القلب يستعر ..يتراقص طربا
كلما هبت الذكرى
وكلما حضرت في الحلم
,,
وبعد الفراق
تيبست أغصان أشجاري
والجوري ما عاد يروي النظرات
ما عدت أستسيغ الماء

على قارعة الوجع
تشنقنا الذكريات
أراجيح الطفولة
تنور أمي
غفوة الليل ذات قمر
شارع المدرسة الطيني
الشتاء .شقاوة الأولاد ذات مطر
ثم وجوه ملطخة بالعويل
حجارة ..مستنقعات ماء
عتمة
غياب
..
أيها الهاربون في دمنا
ومن دمنا
تسابقون الدروب التي نضجت
على صرير الإنتظار
تتعالى أعمدة بلا دخان
وأصوات تتخافت حتى صمتها الاخيرة
..
كل المدائن زائفة في ضجيجها
أصوات الباعة هامسة
حرارة القهر قائظة
والنهرما زال يجري عكس الجهات


..
يتملص الليل من عباءته الثقيلة
كي يبوح بالأسرار
تتمدد الحكايا
تتسكع في دروب طالما كان يعشقها الصفصاف
..
يجهش الطين
هذي الدروب ما عادت دروبا
والبرد يأكل ظل الحكايا
..
ورحلت أنت
حين غاب الظل
واشتبك الطين بماتبقى من حكايا
وفي خضم الفقد
قد أضعت الطريق
..
أنا لا أشتكي
لكن
ضاعت الكلمات
...
وتهربين كما الظل
تهرولين بعيدا في الخفاء
ربما تبحثين عن حكاية
عن ظل باهت
عن قمر
تحكين له ما تبقى
من روايات الكلام
لكن كما يقول ثغرك
آآه
ضاعت الكلمات

وقاسيون يجهش بالبكاء
حين تفتحين أبوابك
وتشرعين نوافذك السمراء للذكرى
ترتسم منحنيات الصمت والكلام
يمتد ظلك الفاره الى ما بعد الحكايا
وقبل تاريخ الكلام
...
أقف على غرة الظل
تدهشني ملامحك المشدودة بنظراتها الى ما بعد الأفق
تعبرين ظلي فأنتشي
أتساقط كحبيبات المطر الناضجة في أتون حرب
تحصدني نظراتك المتوارية كسنابل قمح قاطعها المطر آلافا من الثغرات \
وتبقين أنت تتذكرين آخر المطر
لتصفق الغيمات
وتغنيك الأشجار الحالمة مثل أيقونة
لحّنها ناي عجوز
....
تبتسمين كالياسمين العالق في أرواحنا
بعد الف بحر
مذ كانت الشام .. يصوب المارقون كل السهام إلى قلبها
وتبقى الشام يتيمة منذ الهجرة الأخيرة
تعاقب دهر ودهر
وتبقى الشام يتيمة
..
تستشرف غوطتها النيران من كل اتجاه
يستشيط بردى غاضبا
وقاسيون يجهش في البكاء
..
-لا بر إلا أنت
لا بحر إلا أنت -
..
ويسقطون في الخديعة مرات
ليقطعوا يد الصفصاف
ليجرحوا وجه قاسيون

شعث انتصار
الاشتياق واحد من تلافيف الحكاية
والحكاية ظل لنهر سائب
او ربما متدلّ من عرش مدينة ما تزال ثكلى منذ ألف انتظار أو يزيد
أمسك الوقت بتلابيب الكلام
جين انهار عرش بلقيس مرارا
فتساقط الكلام عبر صحراء الوجوم
حيث تمرغ وجه زنوبيا بالرمال
أعلنت روما انتصارا
وهُزمنا
...
وما نزال نبحث عن شعث انتصار