موسوعة أحمد العربي

نورٌ وشريان
............
نورك سيشعّ
ما دمت الذكرى لم تحترق
آنيتك حديقة غناء
بوردك
وشعري
لآلي الشتاء
تشرق فيها
ويزهر فيها
ليل ربيع
ألملم بعضي
من شظايا روحك
لانطفىء
يسعرني نار عاشق
أسهو .. اغفى قليلا
استلقي
في بيادر الياسمين
ولجّة من اقحوان
شرقيّ هو البحر
غربية سماء الحب
وانا ارقد على الجبين
احلم ببعض مطر
يسرقني حنين هائم
يلهو كهواء
بشعر كوكبة
من رحيق
تحمل جرة
تملأها بأحلامي
وبعض من شتائي
لكن انا اليوم ربيع
نسيت الجلوس
خلف ناي من قصب
واكواب شاي
من رحيق
تعالي اليوم قربي
لننعم بالعبق
وروح الارجوان
تعالي
فانا بضعة منك
واسكن في شرايينك
اتركيني اسهو قليلا
او كثيرا
لا يهم
مادمت انا
اسكن الشريان
وانت تنبضين

أدور في فلك القصيدة
......
تتسع الخنادق لكل الراحلين ..
لكن هل تحت جفنيك ستار يخبئني ...
هل تحت جفنيك لفحة شمس ..
أشجار أستظل بها فيرحل عبري الظل...
مات الحبر من ظمئي ..
لكنه المطر يقول لي ..
لا تجزع فالرحيل مرة بلا أفول
....
وأقول للظل هاقد برحت الظل ...
تكلِمني الروح ..
الريح ال..تعصف في مراياك ..
تقول ..هلمّ...
ما للظل من ترحال ..
لا صوب آنية البحار ...
أدور في فلك القصيدة ..
أسكب الحبر متاهات على ظل الطريق ...
فيصير أفلاكا تدور بلا اضطراب ..
يسائلني الظل مرارا ..
دون أن أجيب

عليك السلام

تشتاقني تربة الأجداد
والزيتون والدراق
تنشدني الشمس أغنيات الوداع
ترانيم الغياب تترى مثل ريح تعصف بالسنابل

قالت الأرض لآخر الشهداء
نم على هدبي والتحف جفني
عليك السلام
عليك سلام
فما زال يطير الحمام
نم على وجنة النهر ال ..يسافر بين عذابات الحقول
تظلك شجرة التوت العجوز التي ما تزال تذكر وجه أبيك
......
نم يا حبيبي
هاك جلدي وطاءا
هاك جفني دثارا
لا تخف من برد التراب
على دمك ستنمو قوافل الزيزفون ال..تعانق ظل القمر
وأنت ستبقى هنا
تطربك أغاني الحصاد
ورحلة الماء الموغلة كالموسيقا في الفلاة
.........
نم فأنت مني
لا تضيّع نكهة الطين فيك
إذا ما تنفّست الغمام
على ضفة القلب تحيك ابتسامات لمن مضى
يكاد يشبهك اللوز والدراق
فلا تخف برودة القلب
عليك السلام
........

إنّها حمص
......
"دمها تعشّق مع النعناع والياسمين ..نهرها العاصي وهي عصيّة على الطغاة ..زيزفونها العاشق ..ليتك تراه حين يزفّ للشمس ابتسامة صباح ..يا الله
إنها حمص التي تعانق الجبال والصحراء والقلوب"
......
رأيتها..
مدينة معصوبة العينين
صراخها مكتوم ..يضج ّكالأنين
مدينة تحاصرها الأفاعي والضباع
دموعها تخضّب العاصي
هل هي حقّا دموع
أمْ دم الأطفال في الحولة الشّماء
حدّثتها
كانت جراحها..ورودها تئنّ
الصفصاف مكبّل اليدين
يشتكي حرقة الجوى
والنرجس المشتاق للتفتّق.. أسيرْ
يروى حكاية الشقائق التي تكسّرت تحت بساطير الجنود
أيّ جنود سيّدي؟...
تساءل العلّيق عند أسوار المدينة..
حيث النهر يبكي لوعة الفراق ..
و يذرف حمرة خدوده الدرّاق
أيّ جنود سيّدي؟
هل أنت تهذي؟
أم هي الحقيقة غابت عند بكاء صيف أبكم في مدينة تهدمت..
حجارتها تلبس ثوب الحداد
هؤلاء ما عرفوا الإنتصار مرة..
على جثث الأطفال يرقصون
يخمرون ..يعبثون ..يسرقون
هؤلاء سيدي لا يفقهون ..
إلا ثقافة القتل والتدمير
ثقافة العهر والقذارة
ظنّها السفاح الجولان الذي باعه أبوه أو لواء اسكندرون
إنها يا سيدي مدينة الشهيد ابن الشهيد ابن الشهيدة
مدينة الأسير والمفقود والطريد
إنها مدينة عمرو وخالد بن الوليد
مدينة الميماس والتفاح
قالها زهَرٌ من الزعرور والخوخ والبرقوق
الشحارير تبكيها.. كذا البلابل والعنادل
لكنها يا سيدي ..
مدينةللصبر والصمود
مدينة ما عهد التاريخ مثلها
ما قدّر الإبداع صنوها
إنها مدينة الخلود
توزّع الشهداء إذا ما تورّد خدّ الصباح
والخبز على اليتامى قبل أن تقتلهم قذائف الجلاد
مدينة صامدة تضمد جراحها بملح..
تسقي من آلامها أزهار ياسمين
بثغرها المعطر بالسنابل تقبّل جباه الثائرين
تكتم بكاءها ..حتى لا يرى الاطفال الحزن والدموع
مدينة بعون ربها ستكسر إرادة الجلاد
ستثأر للدم المسفوح... للأشجار.. للزهور
تلقّن الطغاة درسا قاسيا
تعلّم الناس المروءة
بعون الله الواحد القهّار
مدينة تمرّدت على الهوان
تنشد الكرامة ..تغنّي للمجد .للعزّ والفخار
مدينة تزورها البروق..
تتفتح كلّ يوم أنجما
ومن دموع كرومها يشرق انتصار
..
عمرو :هو الصحابي والشاعر عمرو بن معدي كرب الزبيدي
الحولة :قرية من ريف حمص شهدت أشنع مجازر التاريخ
الميماس:احدى اجمل منتزهات حمص ويقال انها كانت مكان اقامة الشاعر ديك الجن الحمصي
حمص
1/6/2012إ

أرصفة الطريق
.............
ماذا يقول البحر
لمحارة عاشقة
لم يسعها كل هذا البحر
فماتت في غربة حلم
ماذا يقول البحر
لحورية سمراء
عشقت رمل الضفاف
منذ آلاف الصحارى
وعندما ارتحل القمر
غابت في خشوع

ماذا تقول الارض لزنبقة حزينة
رفعت عن ساقيها منديل الدموع
وماذا اقول للفجر الذي لم يصدق في موعده
ولم يأت
عساها تخرسني اللغات
بأحرف مبتورة من وجع البلاد
كانت تغني للرحيل
....

ماذا أقول لذلك الجندي
يفتح فوهة من دخان الوقت
فتساقط أوراق الصبار من هلع
والطيور التي كانت ترسم أفقا للفرح
تساقطت خلف لهاث التلال
....
وأنت على بعد شفة من وجع
ترسمين ظلي
الذي داسه الغرباء
فوق حقل من شعير
هل تذكرين
يوم جاءت قوافل الغرباء
مواقد الدفء في قريتنا
تنور أمي
السرو ..والصفصاف
شهقة الدراق
وبئر نازفة الأماني
ودلال القهوة المرة
كانت تشعر باغتراب
.....
والآن كلانا يحمل حقائب الغربة
وجعنا يمتد عبر صحارينا
إذ يشهق الرمل
والبحر
وكل أرصفة الطريق
نتقاسم الوجع الغريب

قصيدة أنت ..لم تكتمل
................
كالبحر أنت
أو مثل شاطىء يتباهى بالرمل حينا
وصمود تجاه الموج مذ كانت سنين
نعدها كوابل من رمل
أو مثل ريح تهادى في أتون صحراء بعيدة
يوخزها الصبار مثل فجر عقيم لا يلد الا اصفرار الوقت
والوقت قبرة تبحث عن القمح في بهيم صحراء مقفرة لا ينبجس على ذراعيها الماء
ولا حتى الندى
...
يقشعر جلد الارض وانت مثل تراتيل نامت في المساء
ورغم تكرار السنين لما تستفق
تجلد ذاتك بسياط من خديعة
تمني التفس بالامال البعيدة
والبحر ذاته يشرب قهوته الصباحية على شرفة شاطئك العاري
ولا احد هناك كي يكشف تفاصيل الحقيقة
.......
انت تغرق كالمرساة لكن..
على جرف ..
او على صخر
تعبنا كي تبحر سفائنك في قضايانا المعلقة
والمعقدة مثل احجية
فشل كل ابناء القبيلة حتى في ترداها
مثل جوقة لم تتقن تفاصيل القصيدة
........
أنت وسادة للجرح
الذي ما زال مفتوحا على الاخبار
التي تصل كل مساء ملبدة بكسف سوداء لا ترى
ولا تري بعضا من مشاهدها العقيمة
...
ترجل من دمي
كي أعدّ اكواز الصنوبر التي ما زالت عالقة في عنق الحديقة
والحقيققة سفرجل لم ينضج رغم حمى الاحتراق
....
قصيدة أنت ..لم تكتمل
أو ربما لم يفكر شاعرها المبجل بعد في كتابتها
لتوصل الفكرة ذاتها لكل رعاعنا الحمقى
ولساستنا العظام
الذين يستلقون على صدر القصيدة

يشهد الدراق
.............
سأحدثكم عن أجمل عينين
عينان صافيتان مثل ينبوعين من ورد وشام
مورقتان يسكن في بحيرتيهما النوارس...وقصب السكر
عن عينين صارتا شاهدتين لقبر واحد بين الغبار
ذرفتا حزنا أجمل القصائد
غنتا لدموع اليتامى والأيامى على امتداد شواطىء الحزن
سأحدثكم ربما عن أجمل ماستين
ترقد إحداهما على جفن العاصي
ترتل اسم الصفصاف الذبيح
وتبكي الزيزفون أنهار دموع
لألاء أحجارها السوداء مسك يفوح
مع كل نسمة رجاءمثل صبح
وشقائق النعمان فيها عند قبور الشهداء تنبض فرحة عرس
......

والأخرى تلك هي
دمشق ال ترفل في ثياب الياسمين
خضبت خديها جراح
يتسلل بردى ليغسل قانيها المعطر
ونشيج مشمشها الربيعي يفوح من أكناف غوطتها اليتيمة
تتمنطق شذا الصنوبر والياسمين
خصرها عند جدائل قاسيون يعانق الريح البتول
وماء عطرها حيث خضاب بردى عطرا يفوح
تلكما أجمل طاقتين
تهديهما الشام نصرا لا يزول
...
يشهد الدراق أني في هواها عاشق متبتل
متيم في عشقها.. نسائم حمص من عطر الجنان
فاسألوا قاسيون أو بردى
من مائه دمنا ينشج العشق مثل ترياق
.....

ليس إلانا في ممر ضيق
..............
لماذا اخترت خيام الصمت مولدا لقصيدة
لم يأبه رعاع الوقت لنبض من رحيق
هذا الصباح
يُسكر الندى بحبات من جليد
فيخمد الورد انفاسه هنيهة
كي لا يسود الصمت
.......
في خيام نسجت من غرق ووحل
الكل ينمو
الشهداء
الطحالب
الخوف
ونحن
وكذلك الوقت والعدم
.......
ليس إلانا في ممر ضيق
يشبه الأحلام والذكرى
وشوق بائس الى بعض شمس
ونسخة أخرى من ظلك الموعود
على قارعة الطريق
....
أنا وأنت
ربما لسنا وحدنا
خلقنا ها هنا
كي لا نضيع
أو كي لا نضيّع الذكرى
سجلنا على أوراقنا التي حملتها الريح
وبللها الوجع
إن الأمطار للذكرى
تغسل صديد من كانوا هنا
لينت القمح
والفجر
ونحن
والشهداء
وبعض من نشيج

لهاث حلم
.....
في دوامة الأيام
يسترسل شعر الحزن طويلا
على كتف الحلم
يسربله بطيف حالك
المطر في الخريف كاذب
لا يغسل سفح الاحلام
ولا يعطر ماؤه أوراقنا الصفراء ال ..تساقطت من زخم قصف
والأرض
روح الأرض مخضبة بالأحمر القاني
والعرب يذرفون دموع التماسيح
هكذا في أحسن الأحوال
- ليس الاك يا علي همام-
فمن الهمام ..ومن الإمام
ونحن أمة تتساقط ورقة ورقة
قطرة قطرة
تلهج أنفاسها بالصعود رغم أنفها
وترفض أن تموت
...........
لم يبق إلا نحن
تائهون على ضفاف الفراغ
حوارنا فوضى
نبوغنا فوضى
وما زلنا نجتر الهزائم
نرتجز أحلامنا على بقايا صيف لا هث إثر ربيع لم يأت
نجترّترهاتنا
لم يعشوشب القمح فيه
نرتجز أحلامنا على شفا صدع
نظن أننا نحلم بانتصار
نهوي بعيدا في الترهات
توقظنا المدافع
لكن ربما مؤقتا
ونحن كلهاثنا
لا ندرك ماء الربيع

شهقة ارتباك
....
مساء أبكم مثل غيم لا يمطر
يلتقيها على شاطىء الحلم
بعض نسمات
شهية الرمل والموج
نكهة الملح
.........
تربكه سلال الشوق
يتذكر بوح السنابل
عناقيد الكرز التي تشبه حمرة شفتيها
تفاح وجنتيها الذي يرسم لون الخجل
....
تمطر
تذهب باتجاه الريح
تهوي أحلامه ..تتكسر

المحراب على بعد شفاه
...............
كيف لي
أن أتوسد جرحك
الضفاف قريبة رهيفة
مثل رمش العين
والعين تنسج ضفائر وطن
جدائل تترنح على حبل قافية
كمثل حبلنا السري
الذي يربطنا بشمس
او بماء
لا فرق بين الرايتين
وسنائل القمح تموء جوعا للحصاد
..
ليس إلانا في تلك الدروب المعتمة
نتجرع اشواقا الى تلك الظلال الوارفات
يذكرني زيزفون حمص
بك ..سلمى
أين جدائلك اليوم
والمحراب على بعد شفاه
....
سلمى ..
يتغول الوقت ليحرفنا
ليجرفنا الى حيث يتسعر اللظى والاشتياق
وعلى بعد جرف هار
يقولون أنها القيامة
...
لا شيء غير الوساوس ..والظلال
نتربع على عرش هزيمتنا
الجو بارد لا يستكين
مثل جراحنا البلهاء
وانت ما زلت تقيمين الصلاة على الجراح..
يكللها الظمأ
سجادتك دمشق الشام
وانت تنذرين نفسك للوطن ..وللجراح

سبحة المدن
.............
هكذا
يتشنج الوطن.. الغضار
على حافة من أنامل الوعد المقدس
تراءى أسراب السنونو بعيدة خلف السراب
ما عاد الربيع بعد
والياسمين لم تدرك عيونه ملح الدموع
...
ينتفض الغبار على بعد قافلة
كأنه تاريخ التتار
بخارى
سرقسطة
الري
بغداد
دمشق
سلسلة المدن التي تتعرى في مواسم الغبار
سلسلة يدوسها كل هولاكو
لكن هل من قطز جديد لينفذها
يعيد اليها من عين جالوت وعدا جديدا
...
أم أن سبحة المدن الذبيحة تمتد ..
تطول حتى تشنق أشجار الزيتون في طور سيناء
وحتى قرطاجنة الوجع الجديد

عنقاء الوطن
......

لا تعترف
لكل المدن المحاصرة
أنك تبكي الوجيعة
لا تعترف
فأنت منذ سقوط طليطلة
منذ باعوا لحم يافا للصوص
تذرف الدمع الزعاف
وملح الأرض بارد جدا ..
لا يستجيب
......
لا تعلق روحك نبراسا
على سارية الأماني
فكل السفن التي كانت في معركة الصواري
بيعت للغزاة
واشترينا بما تبقى ..خمرا وجواري
لا تعلق شاهقة الأماني على الرمال
فقلاعنا دُكت
فاسألوا عكا عن القلاع
..........
لكن
إلى متى تجزون ضفائر المدن الحبيبة ..السليبة
إلى متى ترسمون على الصلصال آنية ..وماء
وعلى وجوه العابرين أزهار الرجوع
الربيع على بعد قافية وصورة
إن أردتم
إن بذلتم
مهر عنقاء الوطن
......

عندما يموت النهر
ثمة نزع لا يصل إليه كل من يحب الموت
سجلات دفاتر الحياة لا تضم كل اسماء المغادرين
في رحلة الفزع /الهرب الاخير
ثمة بوصلة لا تستطيع تحديد اتجاهات المكان او الزمان
الذي غادر اليه على اسرجة من وجيعة
اذا:لم يعد الماء يشبهالماء الذي نعرفه
هناك في اخر النسق ما نصفه بالحياة
لكنها على اسنة الهزيع الاخير
لا تشبه الحياة
لا شمس تشرق
ولا الارض تكتسي حلة من سندس
وما عاد للنهر دربا يشقه صوب البحر
اتراه مات النيل وكذا دجلة والفرات
....................
عندما يموت النهر
يساقط ورق الاشجار في ربيع كاذب
وينقطع النسغ عن التراب
عندما يموت النهر
يلهث كل العابثين من سغب
تعفر جباههم ذات الشمس المريضة بالفصام
تتقطع اوصال عشتار
في محاولة يائسة لتعيد للارض الحياة

منسأة الفراق
.............
كيف أودعك
لألوح لك بمناديل اغترابي
احمل حقائب الوجع العصية على الاحتمال
كيف أودعك والارض تسحب ظلالها تحت اقدام السفر
وقطار الدموع لم يجد محطة في رحلته الابدية
....
ماذا يقول النهر
لظبية طالما حلمت بربيع لم يأت
بحصاد لم تشبع سنابله من ري اشتياق
أي عطش يدور ويدور
كي تتبيس شفاهنا المغتربة
بعدما كانت رائحة التنور تملأ ساحات القرية
المتكئة على بساط أخضر
....
عكاز غربتنا لم تنل منه دابة الارض
منسأة الفراق لم يطلها البرد رغم صقيع التدفق
ولم تنكسر تلك العصا التي طالما سحرت أعين الناس
رغم آلاف المواجع المترهلة على صفحاتنا
ولم تنضج بعد مثل عناقيد تموز

ميناء
....
من أنت ؟
حتى تسافر في دمائي
وتجعل نبضي مثل صوت ناي
تهرأت من وجع السنين
......
من أنت ؟
حتى تلتحف صمتي
وتجعل من حنقي وسادة للحالمين
ومن ألمي نبراسا لكل التائهين
...
لست منسأة للريح
ولاماءا للعابرين في صحراء الوقت
والعطش المبين
......
لست شاعرا لأبسط بالكلام موائدا للعاشقين
ولست ميناءا خرافيا
يقيم على الشطآن خياما
لكل الغائبين

نسور
....
تعالي
نقتسم وجع اغتراب
نقسم رغيف الهم شطرين
شطرا لنا
وشطر نوزعه على مدن الخيام
أتكفينا استغاثتنا بحلم
أيشفع الماء والصفصاف لمن مثلنا
للواهمين
....
هي الأرض تبرأ ممن باعها جبينها للبرد
وتبرد من جلادي الحقول
...
كفاك حلما وانتفض
عفوا لننتفض معا
او هات عذرا كي نمضي
او كي نزول
...
اسأل التنور
كم ينبغي للقمح من وقت
كي يصبح هدايا لأطفال
سيكونون البغاث قريبا
ثم يكونون النسور

لستَ آخر صفر
.............
يتكسر الحلم المرآة
مثل دواة معتقة اهملها العابرون
التاريخ بلا أدوات للحرب
لا سيف ..لا قلما لتحمله ..ولا حتى رغيف قمح بارد تستره الظلال
توقفت عند باب تؤدلجه الحكايا الخائفات
وأنت ترتق للشمس أشعتها المواربة الأخيرة
...
لا تحمل الأحزان على كاهليك
إذ يقص البحر أوراقك وينثرها مثل رماد في البعيد
كيف تلبس النهر عكازك دون أن تتمرغ على أفكار وحله
دوار الشمس كان هنا يراقب كل مدخلات الحنين
وأنت تعتبر نفسك اشتياقا لمن كانوا هنا ومن لم يكن
..
موشحات روحك ليست آخر الأغنيات
وتنور أمك الذي لم ينكزه الصقيع ليستيقظ من سباته
من أن بني امية يركبون الخيل
يحملون سيوفهم في نزهة المشتاق
أنت لست آخر صفر في هذا الزمان
ولست ذاك الفارس المضمخ بالدماء
...
قالوا : لست وحدك
أنت لا تملك في دفاترتك لونك الأزرق ولا لون الفضاء
لا تحمل في يديك عصا التلمود
والشمس لم تشرق لقدومك أو للرحيل
بعض صفصافات خضر
ما فتئت تبكي غيابك
مثل آلام المخاض
وأنت تأبى أن ترسم عناوين لكل الراحلين

قافية الرحيق
............
كيف يولد الوقت على جفنيك
ليستظل بهدأة الرموش الوارفة
ويسابق النوارس
كي يغتسل في بحيرات العيون
..
إهدإي يا صغيرتي
هذا الوقت مصطنع من حكايا تاريخ سديمي ثقيل
ساعداك لم ينضجا بعد
والظل مسبغة الأماني
لا تتركي ظلك خلف ظل البحر
لتجري المراكب خاوية من الرحيق
لا تدعي الأماني ارجوحة للعصف
تحمل أشلاء الغابئين
لتسقط احلامهم في بركة الوجع الاخير
....
من انت حتى يعمدك الضحى
كانت الاغريق تبيع بناتها
والصحراء تقتلهن في رمل الجزيرة
فتطاولي حتى لا يراك الظل
واصنعي من ضفائرك اغصان دالية
تستبيح من الشمس افياءا لعناقيد الحياة
...
من انت يا صغيرتي
حتى تنز اناملك بلاسما لجراح الغائبين عن وطن الحياة
تجلدك الحقيقة بفخارها المشوي في اتون الحنين
وتصنعين الخبز لليتامى
ولمن تبقوا تحت اكوام الركام
,,
توقفي
هل انت تصنعين اقمار الحياة
الزهر لم ينبت على شفتيك بعد
والياسمين ما زال صامتا
لم يكتب بعد قافية الرحيق

إليك  ...وارفة الظلال
....
إليك أمي التي كان الغربة من نصيبها
طبت دوما ..حية وميتة..رحمك الله
...........
تساءلني الطرقات عنك
إذ كل الدروب تبكي
في قريتي الرازحة تحت الاحتلال
زارني البرقوق ليلا
ليذرف حرقة الأشواق
قال متلعثما
الدراق في قابل ..لن يزهر
والخوخ يوشحه اصفرار
قال
إن اللوز أقسم
بأنه لن تورق الأكمام
وأن العصافير في حقولنا حزينة
إذ علمت أنها لن تعود من كانت تقدم لها الحنان ..والطعام
وأن شجيرة التفاح رفضت أن تشرب من يد الغاصب
لتموت ..أو تنتظر الغمام
وإنني يا امي
يا وارفة الظلال
أشتاق لجلسة تحت داليات العنب
لأن تشهد مرارا أشجار التوت جلسة الشعر
أن تشقشق قربنا العصافير ويهدل الحمام
وأن بارقات الشوق لن تنطفىء
يا سيدة الأنام

بوصلة
....
كيف تفر البوصلة
يعبر الجندي بوابة الحمقى
لا احد خلف الاكمة
الورود ذبلت بعد انتظارها
لم تدرك ان البوصلة ليست علامة للوقت
الا بعد السيل
لم تفتح بعد ابواب المدينة
الجندي يتوسل الرصيف
والرصيف بارد حد الوجيعة
يرفض ان يكون مقعدا لمن تلوثه الدماء
يسقط ظل الشمس
في بحيرته الاخيرة
الماء السابح في عين الظما
يعلق نياشين انتظار
على جثة الوقت المنهزم
تحوم فراشات تشبه الهلع
في ليل دامس العتمة
يبدو ان الدومري مات
فنسي ان يشعل قناديل المدينة
ونسي ان يصلي صلاة الوداع
بعدما توضأ ببعض حلم

ضفائر
.....
كانت كل النوافذ مغلقة تماما..
فوهات الريح
تلك الحقول العابس وجهها
الصقيع الذي يدثر احلام الصبايا
في قرية ودعتها الشمس
منذ اعوام بليدة
كان بيتنا الطيني
البئر الذي احتفره جدي
مذكان يخطو على طرقات الصخر
لم يحمل عكازه يوما مثل بندقية عجفاء
جدتي التي كانت ترتق ستائر البلور
ثم تعد طحينها لتلقمه ذلك التنور
الذي لا اعلم ان ورثته عن امها
او ان جدي ابتاع حطبه مت القرية المجاورة
حيث كانت تمتد حبال الغسيل بين اغصان الهواء
لكنها الريح لم تهدأ
معلنة بكل صلفها ان جدي قد مات
وان جدتي ارخت ضفائرها الطفولية على وجهه
ثم قصتها لترافق الجسد الى البعيد
لماذا بترت كل ضفائرك
لان الريح لا تهدأ
قد تطفىء التنور
لان الشمس لن تسطع على نافذتي
والصباح لن يصافح خزائن البلور
والمرآة التي اهدانيها ذات مساء
قد كستها الظلمة
وشجرة التوت تنوي ان تذرو رمادها
على ضفة العاصي
لقد سجيت ضفائري
عسى ان يعود
ليصنع ارجوحة
ويزرع قمحه
ليعمر صوته البيدر
لتعود لساحة الدار صورته حيث نافورة الماء
التي ستظل في اشتياق

عزف على نايات الفراق
................
أي لون تحتاجه في الغرق
الأخضر اليانع
الازرق الكحلي
الأحمر النابض فيك
كيف لك ان تتخيل تلك المساحات الخاوية التي تذهب اليها
فتذهب بك
.........
لماذا تركت القرنفل المضرج بدمك
على بعد ساح من غياب
كان ينتظر بلوعة ان يتفتق وردك
ان تذهب للنهر لترتاد مساحات الحضور
كنت تبحث عن قصب لتلهب ناياتك برخيم الفرح
...
الطرقات تعد خطواتك التي افتقدتها
الرصيف
الناصية
وكل المنتظرين
الاطفال اليتامى
الايامى
كانوا هناك
يعزفون صمتهم
واحزانهم
مثل سنابل البيادر المتوهجة اصفرارا

شهود
............
هكذا مضى
يقول الرخام
وجه بارد مثل حزن
وصوت معفر بالغبار
تصيح من البيت المجاور
لا أحد سوانا في هذا العالم
والعالم مثل كهف قديم
تحفر فيه السنون أخاديد الغياب
هواء جاف يشبه الموت
يعلق قلادة على صدر يوم بائس
ضباب ..ولا رؤى تصدق مثل أحلام ..
ترهات وطئت على صدر البارحة
وما زالت تصّعد أنفاس اليتامى
والصدور مختنقة تماما
الجهات كانت أربع
والآن لا ندري إلام  تشير البوصلة
بضع أحزان مرمية على قعر الوقت
وصورة
كنت أظنها ما زالت معلقة على الجدار
في بيت طيني
كل عصف ترممه الذاكرة
ونحن على بعد سرو
القافلة لم تصل
هكذا مرة أخرى يقول الرخام
ووجهه البارد ممتد كإعصار إلى قلبي
والبوصلة ذاتها تنفث كلماتها الأخيرة
في حضرة الوقت الميت
ونحن نظن أننا كنا الشهود

حكايا الروح
..........
تكلم ..
عن قافلة الشوق المركوم
عن رمل يتخطى ستار الوحدة
الموج أغانِ
لكن البحار فقد بوصلة الحرف
..
تكلم
عن شمس لا تهدأ
عند الصبح تحرّق كل جباه الفلاحين
والعمر حصاد
لكن الحنطة لم تينع
..
اكتب دمك
عساه التاريخ يقرؤنا
وسى التنور يفور
لكنه نوح لم يُخلق
والسفين ما عادت لتعوم
لتخرجنا من الطوفان
الفاغر فاه
كي نغرق
..
ما زلت تحدثنا عن فرس أبلق
يحمحم عبر غبار لجي
يحمل خالد
كي ينجز يرموكا أخرى
عن عامر
سعد
ما زلت تدغدغ أوردتي
بفرح لم يأتِ
وتقول ان للغوطة مشمشها
وان الشام لن تُحرق
..
تكلم
ما زلت كمثل كل صباح تأتي
تترغني شعرا
تحصدني
مثل غيوم لا تورق
ما زلت تمنيني بحكايا الروح
لكنني أُشنَق