موسوعة أحمد العربي

الرصافة
...
أشرقت بك كل الصحارى
الرصافة تنتظر
يأكل الرمل وجهها
والدموع
ما زالت تغني
رغم فداحة الصيف
الرصافة تنتظر
كما كل المدن المتعثرة بالخطا
وبالخطايا
البحر يمشط شعرها
لا بحر هنا
حين كان
كسر الموج ضلعها
فناءت بحمل الذكريات
ونأت بعيدا بعيدا في السراب
...
الرمل يأكل وجهها
لا ظل يلفحها
القوافل ها هنا
ترتل صمتها مثل وجع قديم
..
أيها الحادي
أتعرفها؟
نعم
أتعرف ظلها المفقود
لا ..نعم
على بعد التفاتة
كانت تشرق بالوميض
نعم .كنت أعرف ظلها
لكن لا ماء
كي يأتي الحصاد
...
ما زالت تذرف حزنها
ما زالت تذرفنا
مثل الوجع
مثل الحكايا
مثل نخيل تحجر ها هنا
في كل القلوب

ما عاد لي
....
ما عاد لي أن أقرأ
خارطة وجهك
كما كانت تقول الأسطورة
أنت تشبهين تلك الحقول الباذخة
ونبع ماء
وطريق يضخ نحو غابات تكاد تشبه عينيك
,,,
أنت لي
لا
الدرب ذاتها ما زالت بعيدة
وحفيف السرو يكاد يكون مخفيا
لولا تلك القبرات الناعسات
لدى آخر ربيع داكن
...
انت لي
والحب على ذات المفترق
والمسافات بيننا كما بين النيل
ودجلة المتسكع قرب النزيف
والنخلات سامقات
لا تكترثن للعابرين او الراحلين
...
ها هنا
رمل وغبار ...وخيام
وطائرات تعود وترحل مثل اسراب داميات
..
لا تشعلي البخور حول خيمتي
فالريح لا تقدم سوى العويل
والأطفال لا يشبهون سوى علب الماء الفارغة
ولا شيء هناك

تائهات الغيوم
..............
كيف تثور الغيوم في الأفق
وفي القريب عاشقين يتلوان رمّان صوتهما في بذخ رخيم
كيف تقيمين للموج ثنايا كي يقف
أي حدود لتهدج صوتك في المساء
أراك تترنمين بخار الماء المتعالي ها هنا
وهناك درب تائه لا يصل حيث يريد
وحيث نريد
مثل الها هنا
ويزبد الحب ويرعد
ولا من مجيب
...
هل تجيدين اقتفاء الماء حيث يصبو لآخر المدى
وفي المدى رحلة المشتاق
ها أنذا أعد أصابعي في انتظار الوقت
ولا يأتي
رحلة العبث المجيد
يطأطىء رأسه ذاك المدى
وحيث أنت
ترتعد الغيوم
كيف أخبرك برسالة
يكتبها عابر عابث
لا يجيد تعداد الحروف
هو عاشق يعاند الموج بلا سفين
لا راية ينضوي تحتها
العاشق ..التائه
في زنازين الحلم
ولا مغيث
ذلك القلب اللا ينبض مثل أنهار الحنين
...
ها هنا غريبين
في نفس موضعنا تتقهقر الشمس
لتذوي ما بعد اشرعة المساء
ها هنا نبحث عن حلم
عن اللا مرئي من تائهات الغيوم

كل المرافىء تنتظر      
.............
أتربص كل الطرقات الموحشة
تلك التي توصلني إليك
ورغم دمعي
تكمن رؤياي وراء ثغور الخوف والنعناع
أين أنت لارسمك بهجة على كل السرو الخائف
من هزيع الليل
عبر أقطار الصنوبر الباهت
يوقفني فجأة ذات انصهار
كل سر قد بحت به لي
وكل قصيدة حاولت أن تقراها
وانا اصغي للغيمات حين تمطر
....
أين كنت ترسمين كل هذا الصمت
كي يصلني حديثك عبر امواج النهى
وعبر ترادف كل مؤثثات الحياة
كان الفرات بحة صوتك المتهدل
اجهشَ كان الفراغ

وكذا الحلم
..
أسراب من الكلمات اللاهثة
كانت تمدني بالذكريات
وانت مثل الاقحوان
لابر لك
ولا ماء
..
أكاد أشبهك تماما
لكن كان العزاء يشبه البحر
وانت لم تصلي بعد
كل المرافىء تنتظر

ما زلت أفتقد ظلك
...........
في آخر رواية عن الحياة
قالت :
كم يسرقني الصمت يا حبيبي
كم يرهقني حديثك المسافر بلا مراكب
أنت تشبه الأحلام
وتشبه صفحة النهر المفضضة
وخاتم الخطوبة
وهذيان امرأة كادت تعود من لا وعيها المفقود
..
في آخر مقال
عنونته صفيحة مغمورة
كانت حدة كآبتها تشبه نهارا فائت
لا يشبه نهارات الفرح أو الحزن
كانت الشمس باهتة بلا ظل
وكنت تركبين رحلة الهجرة الى ما وراء الماء
ما زلت افتقد ظلك يا حبيبتي

زمن الضياع
..........
ويكأنك أطفأت الكلام
لينبت حشيش العدم
أخضرَ كان
أصفرَكالخريف
أسمرَ كالرغيف
أحمرَ مثل اللظى ,,مثل الحريق

...
ويكأنك أشعلت اللهيب ..وقلبي
والكروم
وأنت لا تشبهين النار
وجهك مثل الغروب
ولنقل
مثل الشروق
لكنها الشمس لا تنبجس
ولا النجوم
...
عارية هي الأحلام في مهدها
مثل أشجار الشتاء
عارية هي النجوم في ضوئها
وكذلك عار هو العدم
إلا من ذاته
وكل شيء في خريف
ذابل ..مترنح
حتى الأنا .والأنت
والذهول
..
أشواقنا ..أوقاتنا
والمساءات العتيقة
خبز أطفال جياع
وأمهات ما زلن تحاربن الضياع
ففي ضفاف ملت أقدامهن
في ضفاف كالدماء
...
لا بأس
لنتفق
هل هذا وقت الانصياع
وقت ظنه الظمآن ماءً
فلم يجد إلا الضياع

هي ذاتها
.....
هي ذاتها ..
ضحكتك التي تلبدت
على حاجب الغيم الوثير
من أنت ؟
وما تجدي الحكايات القديمة
أين أنت ؟
ويرحل الزمن الخجول
تفاحة ..أوما يشبهها
ارتسمت على ضفاف وجهك
ولا يجدي الأفول
لا تسأليني
علّي أحتسي رشفة من فنجان الزنابق
قبل الخريف
لارتحل
هذا الشتاء القادم أجوف
لا لا
اخرس
ماذا يقول
حبيبان نحن
غريبان نحن
ويغرقنا الوقت طويلا في متاهات الحلم
من أنت؟
لا تجيبين
أجوف ذات السؤال
....
هي ذاتها
ضحكتك التي علقتها من ألف عام
وما زالت تزاحمني عند المفترق
هي ذاتها
نخلة
على شط الفرات أورقت عنبا ..وكمثرى
ضحكتك التي كانت على حبل الغسيل
هي ذاتها
حلمي
أوراقي
وسجل تاريخي
سيف مشرع على الذاكرة
وعلى الأيام
هي لحن كل قصيدة
ما زالت يدندنها عاشقان
على رصيف الأمنيات

هكذا هي الحياة
.........
قم
أيها العزيز
لن تكبر بالصدىء

تورمت الأفكار في مقلتيك
وفي أفكارك تورمت الحقول
والجداول والرمال
...
قم
أسرج رماد فكرتك القديمة
ليشتعل
الطرق شعثاء
تنتظر القدوم
لا تشعل النار
صحراؤك تتسع
وتتسع
لن يلملمها السراب
...
هل أكلت الساعات رأسك
خمسون مرّت
يلسعك المشيب
والفكر ما زاد متقدّا

فكرة تولد
فكرة اخرى
برق ..رعد
وتنطفئ

..
وما زالت
تولد وتنطفىء
كيراع
وساقية
وماء

مناديل
..........
عصماء هي
تلك القصيدة
التي اودعتها حقيبة احلامك
وتنادت كل القبائل
كل الفصول
كي تخرجها من نطاق الربيع
تلك هي الكلمات
التي كنت احملها في منديل ربيعك
وكنت ألوح بها لكل اسراب الطيور
التي هاجرت ولن تعود
....
فيحاء انت يا حبيبتي
مثل كل ياسمين الفجر
مثل بردى
وأشجار الحور التي تسامقت
لكن فاجأها المغيب
...
كم كنت احبك
قبل تكوين الفصول
وقبل الغسق
وبعد الغياب
كم قلت للسنونوات كل مساء
..
وانت
ما زلت تحوكين مناديل دموع
...................

ضباب
...........
وحبيبتي أنت
أوتكادين
تشبهين ذلك الومض.. الرمل ..وبساتين اشتياق
أعلق راياتي على ذات المدينة التي تلوج كالذكرى على امتداد بجرك
لتغمرني كل الحكايا
واكون ذلك العاشق الملتاع كلما هبت الذكرى او لفحت الريح
صفصافك المروي من عطشي ومن شغف انتماء
تلوح بنا الذكرى ..لا شواطىء تجمع كل المودعين ..
لا ماء كي تبحر السفن المكتظة بالخائفين
والعابثون يرفعون عقيرتهم بالبكاء
ماذا تنتظرين؟
كل القصائد التي ما برحت تقول :بلاد العرب اوطاني
كل المدائن التي خرّت من وجع السجود
إلام نحن؟
تغرقنا الشواطىء والسفن ..والطرق الحزينة التي لا تؤدي الى مسارات الوصول
توقّف ..تلك مدينة تصرخ من وجع انتماء
يهدهدها النيل فتبكي
يربت دجلة على كتفيها ..تنوء يأسقام الضغينة ..ترمي موشحها الى الماء وتبكي
ياهِ..كل المدائن باكيات على وجعي
فأين أنت كي لا يبعدك الضباب

يسحبني الفراغ
...
كل هذا الفراغ لك

كل هذا القلب

والورد المتوج بالرها

وكل هذا الشوق لك

تبحث النايات عني

تشبهك الموسيقى

وصوت الحساسين الطليقة

آه كم يشبهك المطر

والبحر

والليمون

وآخر غابات الصنوبر


أه من النهر ..وهو ينحو لقربك

والطريق

وكل أحلام الخيول

وكل الليلك والأقحوان

وكل أسراب القصائد..حيث تقول

أو لا تقول

أنت من؟

وتغيب الحكايا ..والزمان

فمن يا ترى؟

سيجيب

وتضحكين..كما احمرّ الورد الخجول

أهذي..تضيّعني الكلمات

فماذا أقول؟

تسحبين كل أكمام لوزك

وتضحكين


والنوّار من البساتين


وتضحكين

تلهبين غابات صمتي

وتضحكين

ماذا سيسعقني القول

وبم؟

أكاد اغرق .في الحنايا

يشغلني صوتك

فأستبيح الصمت ..كي أقول

يسحبني الزمان


يشتتني


فاغرق في ذات الفراغ


...............

في ذات أيار
.....
جاءت هنا مع كل النزيف
وماء النهر المتهدل من أكمامها
لتنحت كل خطوط الجغرافيا
ونرسم حدودا جديدة لم تكن من قبل استفاقتها
جاءت لتضع مسارات جديدة للنجوم والكواكب
والاشجار والغيوم
تغني موشحها ..ذاته موشحها القديم
وتفول ان ماء النهر هذا ينبت الحنطة والخبز في كل الازمنة
....
كل اغانيها جاءت مع الغياب
لتبدد صمت الامكنة
ضجيجها
ألم المخاض
ساحة العزاء
الجموع
وصوت سيارة الاسعاف
وغناء الحصادين في ليالي ايار
......
في ايار الاخر جاءت في ذات الساعة
تحمل عناقيدها
وسوارا في معصمها
كانت تغني ذات اغنية الحصادين
وسلة خبز
ووسادة بلون الدمع
في مساء باهت اللون جاءت
موسيقها صمتها كانت حفيفا
وزهر دراق
ومشكاة
وعطر جوري تناهى
الى صمت الساهرين
...

قراءة في نص مبهم
......
منذ الاجتياح الأخير
أو لنقل منذ العدم
قرأت قصيدة لشاعر مغمور
وقصيدة لعاشقة على تخوم الوله
كتب منذ حزيران وأكثر كانت نكسة العرب المبهمة
ومنذ أيلول الأسود قتلوا فلسطين الجريحة
يومها بكينا حبالا من دموع
وما فهمنا القصيدة
....
العاشقة كتبت تقول
إن أسراب البجع كانت تطير في حزيران
واللقالق غيّرت محطة ترحالها عبر البحر
لتلتقط رزقها في بحيرات النيل الداكنة
حيث يتراقص الماء كالتماسيح العاشقة
..........
يومها قلنا ان الشعر هذيان
ورسوم على وجه الماء
وبعض رجال الدين قالوا
قمر في السماء وقمر على صفحة الماء
وأن انعكاس الضوء لا يغير معنى الحقيقة
وربما الأرض تتوقف عن الدوران حينا
.........
الفلاسفة قالوا
أن عشتار ربة العشق والقمح
والنهر يتدلى شمالا الى ما بعد الحقيقة والوهم
وأن الكيمياء علم كافر
والشعر للفقراء
..........
حينها حاولت وحبيبتي
فك طلاسم الهذيان
سقطت عقارب الساعة البلهاء
رسموا على أبواب المدينة أقواس نصر
ضاعت فلسطين
وبنى اللقلق عشا على شاهدة القبر
وصرت أزورها كل ربيع
كما شقائق النعمان

الليلة الأخيرة في مذكرات سياسي عربي

نادل أتعبه السفر
أغرقه ريش المحبرة في رثاء صمته الأخير
يحمل مواجعه كما حقائب الذكرى كي لا يعود
لكن تثقله الخطوات كي يرجع الى الميناء
حيث لا سفن تلقي مراسيها ولا مسافرين ..ولا ميناء
مسافر خالي الوفاض
في كل محطة يذرف دمعة متحجرة كتل جليد أحمق لا يذوب
كل الموانىء تعرفه وكل المدن كان تصهل مرحبة بقدومه كل المدن كانت تذكره تماما
حقيبة سوداء ..ربطة عنق
وضحكة باهتة بلهاء
...
منذ رحيله الأخير
ترك حقائبه في فندق الليلة الأخيرة
غرفته التي ملأتها العناكب وكتبه التي لم يسأل عنها
أورافه
جحافل المقالات التي كتبتها وكتبوها عنه
الجرائد الصفراء
والهدايا
...
كثيرة هي الساعات التي مرت
كان واقفا كسارية سفينة هرمة
تعطلت موانئها
عندما سقط القبطان ميتا

من داخل اللا وغي طارت قبرة الوقت العقيم
إلى ما بعد فضاء الحلم
قالت ربما أنتم تشبهون الذاكرة تلك المدفونة في التراب
المرسومة على القباب
لا وعيكم المبهم المسترسل في أكاذيب كررتموها طويلا
صدقتموها فلم تجدوا الا طيرا ابابيلا
...
بعدحين غادرت اسراب الحلم ..والمرايا
تبخرت صوركم الباهتة
والغيوم
تيبست قبلاتكم على شفاه الشجر
..
كل شيء بمقدار
تطايرت شظايا الوقت
العنكبوت يبني خيوط احلام
والفراشات حلمها اقتحام الضوء
ونحن كأعقاب نخل منقعر

وجع عروبي
...

لألف مرة يتدلل لديك الوقت
تقدمين له كل ما تملكين من سكاكر وورد وتفاح
كي يتدلى عناقيد فاخرة الحبات لكن لا تشبه العنب في زماننا
عناقيد من أفكار مضطربة
تحلمين حينها بحفل شواء
إذيغمض الماء عينيه فتسلل الأفكار باردة من كلماتك اللاهثات خلف الحب والحنين والذكرى
...
هذا الصباح بارد حد القلق
دخان سجائرك الفاخرة الذي يتبدد في الفضاء
يشبه كثيرا امنياتك الحرى كدموع ترهقها الأمهات عند وداع أولادهن المتوجهين لحروب لا معنى لها
في زمان نفاذ كل الصادات الحيوية التي يسرقها الضباطمن خزائن الموتى
....
هي الحرب التي اندلعت باسمك
وتحت عنوان رمادي
حرب التحرير لوطن سحبه الحمقى من خارطة التاريخ
....
أرجوحة أفكارك تشبه كثيرا اهازيج المغول قبيل ان تدوس سنابكهم أرض بغداد
ومثل قعقعة دموع المنهزمين على اسوار كل المدن العربية
..
ما زلت في اخر التاريخ
تمضغين احزانك كطفلة مرّغها الزمان في وحل الانتماء
انتماء يشبه الصدأ المعرش في العقول
وجع عروبي يدوم

بنادق الغائبين
....
مذ عرفتك تاهت الروح بعيدا
وظلت في الغياب
حملت حلم أشجار الخوخ أن يكون بوصلة لمن رحلوا
ومن جاؤوا من مدن الغبار المتناثرة كما الوهم
الوهم ذاك الذي طالما يترجمنا كما الأغلال
كما الأوراق المتساقطة خلف صيف دامٍ
....
مذ عرفتك والريح تعوي
ولا نوافذ تُفتح على الطريق
ناصية الدروب فارغة إلا من حجارتها
وشاهدة قبر يقال أنه كان لغازٍ
سرق أغلال البلاد
فكان سيدها لفسحة من الزمان الضال
...
هل تعرف أسماءهم
هم من قبل الولد تاهوا عن الطريق
بنادقهم كانت محشوة
وما تزال
لكن أغرقها الصدأ

بين ظلال العبث
كل الصبر كان فسحة جميلة للعبث
انت كنت وراء الجدار
بل كنت الجدار ذاته
تخفين خلفك حقيقة التنور ..والنبع والطريق
والأطفال الذين تاهوا في مدارك الحقيقة
...
كنت من ألف عام ونيف
أجري خلفك في حدائق الخيال
أصطاد لأجلك الفراشات الملونة
وأسقي الوردة الدمشقية الحمراء
ولكنني أضعتك
وما زلت أبحث بين الجداول والسنديان
عن صبية شقراء
كان الربيع يمرح بين ضفائرها وفتحة القميص
...
ما زلت يا صغيرتي
أبحث عن وطن
بين الحقول والتلال
عن شقائق النعمان
وعن ثقوب أحدثها الرصاص في جسد الحقيقة
ما زلت أبحث عن لا شيء
بين ظلال العبث

ثغر القصيدة
هناك ليس بعيدا
حيث أنت تنثرين باقات حبك
يحتشد الفرح كأكمام لوزك
عند ضفائر القمر والاشتياق
يتلون قوس قزح بالأحمر الناري
فيلتهب تنور الأحداق
فيضج الشارع الواصل قلبك بالتصفيق
...
ضجيج المعاني يشعل الوقت المتبقي من القصيدة
الأرجوان :..صوت الشقائق القاني
شقشقة عاشقة متمردة
وجه القمر
صليل الماء المتدفق من حافة الكون
عناقيد فرح تتدلى من شفتي عناب
وأنت
...
يحتشد الفرح على ثغر القصيدة
فتنبتين كأشجار دراق
فتشبهين مدينة الأحلام

الوطن ..خديعة كبرى
هناك في البعيد القاتم
كانت الذكرى تتعمد في ظلال الطرقات التي أنضجت الرحيل
في مخيلة لاجئ مهووس بالوجع
..
الوجع وطن في عالم بات قرية كبيرةكذبة أخرى وتتفتق المدن الكريهة
اعمدة دخان تطاول عنان السماء

...أسلم مهجتك للريح قبل فوات الأوان
رحيلك صحراء ..سراب
فقد من شدة الخوف حتى الرمال
...
لا بحر في القريب
ترسو على شواطئه السفن
التي قد تفكر طويلا لتحمل حقائب أفكارك و أوجاعك
..
مثقل أنت بالذكرى وحمى البقاء والرحيل
وطنك حذاؤك
حيث يحملك يكون الانتماء
...
لا ..
الوطن وجيعة ستحملها أنّى رحلت
وأينما أينع دراق أفكارك
والضجيج
..
لا تبتئس
لن ترحل الافكار
الوطن بات خديعة كبرى

قل لي
قل لي :
كيف يرتديني وجهك
كي أصارع نجوم السماء
وكل الغيوم
وتلك العيون الساهرات بعد الوميض
...
قل لي
كيف تحتفل الأشجار قبيل احتطابها
في مهرجان يباسها الأخير
وتهلل للماء الراعف من أتون النبض
..
وكيف يلبس الشعراء أكف قصائدهم
بالوجع المرقع بالأغنيات
على صليل صفعات الريح الغضوبة للرمل اليتيم
على جبهة البحر الغارق بالوساوس والهواجس
...
قل لي
كيف أنت ؟
وكل القبائل وجع العروبة

أنت ..نبع حروفي
إليك لحظة ذكرى
...

هل تصدقين ؟
إذ قلت أنك منحتني كل حصاد الكلام
فامتلأت بك البيادر
وإنك من أوقد النيران في تنور شعر
فغدا كل غذاءي خبز القصائد
..
أنت من يزرع حقول الجمال
فتنبت سنابله يانعة خضراءمثل جبال البلاد
...
هل تصدّقين ؟
أن حروفي تزدان باسمك
مثل عقود الجمان
فتتدلى عناقيد الهوى
لأن القصائد داليات
تظلل ظباء الفرات
..
وإن حديثك لي
ذات صفاء يكاد يشبه نخلات البهاء
على شطآن نيلك
وأن اللازورد ارتسام ظلالك
على وجه القمر
ومرايا الموج
الذي ما زال يهدهد
ثغر القصيدة
..
أتدرين ؟
إنني قلت ساعة ولادة فجر
بيني وبيني
أنت
الوحيدة
نبع حروفي
وانت كل الظلال

على خطا إيزيس
مستلهمة من نص الشاعرة أحلام المصري عندما بكت إيزيس
...
على خطا إيزيس
كان يتربع الصمت الخجول على ضفاف الماء
قبل الربيع بلحظ
الحقول قفر مترهلة
العيون رامدة باكية
والدموع أصابها الصقيع
لاشيء سوى جلجلة الظلام وعواء الريح
..
الأحلام يابسة متجعدة
أوزير يعربد متجهما في الأمداء
أياديه العمياء تحيط بالشمس والظلال والتراب
ما زالت الريح تعوي
..
إيزيس تداري حزنها
تداوره بعيدا عن عيون النهر والنخيل
كي لا يموت الظل في مواسم اليباب
الريح تعض أصابعها
فتبكي
والصقيع ..
فينهمر المطر
...
الجميع على قارعة الفناء
كي لايهيج الماء
والأغنيات المكبوتة تصارع الوقت والبرد
وإيزيس عند قدوم آذار تحمل ظلها
فيزهر اللوز
ويضحك النهر
ويختفي أوزير

أينك؟
مترفة أنت بالصمت
والصمت آخر شبح يحكي أحلامك البيضاء
ينقشع الوقت عنك
تتشكل دالية وأفياء
وفنجان قهوتك الشامية
وشقشقة عصافير وهسيس أنسام
وشواطئ ذكرى
...
يفتقدك الميناء
ظلك ما زال يلّوح لسفينة تمضي في البعيد
تمخر عباب الذكرى
والذكرى بعض اقاصيص ولوحة ورد
وينبوع
...
أينك؟
والشوق صحراء تتسع
والرمل خيول تمضي
تدوس سنابكها مناديلك
ودموع الوداع
أينك؟
حيث كان النهر يجري باشتياق
لكن المصبّ ضاع
...

رحلة البحث عن الماء
قبل دقائق
كانت رمزا
ربما تمثالا من ألم ..وبضع سنابل خضر
في واح من رمل ..كم يشتاق الماء
....
قبل دقائق
كانت اغنية
تترنم بها شفاه خجلى
عناقيد تتدلى لونها رمان قان
.....
قبل دقائق
كان يمر من عينيها دجلة
وبحر يسافر في اصقاع الشوق
ولا مركب يأخذني ..بعيدا
مثل اسراب طيور
كانت ظمأى
تتحدى المطر الا يساقط
كي يروي سنابلها العطشى
...........
كانت تشبه تراتيلا حبلى بالحب
لكن المطر لم يشتق عينيها
وغيوما كاذبة تلهث
خلف سراب
...
يشبهنا الوقت
طعم مر تتلمظه افواه الشوق
وعلى بعد رحيل
كانت ..أنتِ
مثل قطاة
تعبر مثل السهم في قلب غزال
يبحث عن شوق اخر
يبحث عن ماء لصياد يرميه
عن موت يسجله في التاريخ